لم يتم شق طريق واحدة او أوتوستراد حتى الان، وزحمة السير خانقة، والمواطنون يقضون اوقاتهم على الطرقات عالقين في زحمة السير، وكل مواطن كي يصل الى عمله، يقضي ساعة او ساعة ونصف الساعة واحيانا اكثر، بسبب زحمة السير، إذ ان الدولة لم تفعل شيئا في هذا المجال، فلا هي شقت طرقات، ولا هي قامت بتوسيع طرقات، ولا هي اقامت جسورا، ولا قامت بأي اعمار على صعيد بنية الطرقات والجسور وغيرها.
اما على صعيد الاعمار، فباستثناء تحرك القطاع الخاص قليلا لبناء بعض الأبنية، فإن العقارات جامدة في لبنان، لا بل تراجعت الى الوراء وعدد رخص البناء انخفض بشكل كبير، والشقق خالية من المالكين او المستأجرين، واقتصر الامر في الفترة الأخيرة على بناء بعض الأبراج في مناطق ذهبية وسعر الشقة يصل الى 15 مليون دولار، او 20 مليون دولار، لا يسكنها الا اغنى الأغنياء، فيما المواطن العادي لا يجد شقة يستطيع شراءها في المناطق المحيطة ببيروت، بل عليه ان يسكن خارج بيروت على مسافة 70 كيلومتراً، كي يجد مسكنا له وعندئذ عليه قطع مسافات طويلة ليصل الى بيروت، العاصمة، نتيجة المركزية القائمة في لبنان والتي تجعل كل المؤسسات موجودة في العاصمة. وبدلا من اعتماد اللامركزية الإدارية في لبنان وتسهيل الامر على المواطنين، فانه على العكس تركز الامر على اعتماد المركزية، واصبح كل شيء مرتبطاً بالعاصمة. ولا نعرف الرقم بالتحديد، لكن احد الإحصاءات أفاد ان اكثر من 100 الف سيارة تدخل يوميا بيروت وتخرج منها. والطرقات كلها لا تتسع الى نصف العدد، أي الى 50 الف سيارة فقط.
اما على الصعيد الاقتصادي، فلا سياسة اقتصادية عند الدولة، ولا دعم للزراعة، ولا دعم للصناعة، ولا تسهيلات للتجارة، وازدادت في الفترة الأخيرة الضرائب والرسوم حتى شلّت التجارة. ووصل الامر الى افلاس مؤسسات كثيرة أغلقت أبوابها وهي مؤسسات تجارية عريقة، لكنها وقعت تحت العجز ووجدت ان الدولة تخلت عنها كما تخلت عن الصناعة والزراعة.
وبالنتيجة، لا خطة اقتصادية لدى الدولة اللبنانية، باستثناء الحديث عن مكافحة الإرهاب ومنع السيارات المتفجرة وهو امر عظيم وتأمين الاستقرار في لبنان، امر حيوي وضروري واكثر من لازم. والحمد لله ان المواطن اللبناني يعيش اماناً كبيراً بخاصة بعد الانتصار في جرود عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع. وأصبحت الخلايا الإرهابية يتم اعتقالها في الداخل ويتم تعطيل عملها ومنعها من القيام بأعمال إرهابية.
الا ان ذلك لا يكفي، فحركة الفنادق مثلا شبه خاوية، ولا يزيد عدد شاغلي الفنادق اكثر من 20 في المئة، واذا كانت الفنادق في البرتغال واسبانيا وقبرص واليونان وتركيا قد زاد عددها بنسبة 40 في المئة، فانه لن يتحقق في لبنان بناء فنادق جديدة، بل على العكس فان الفنادق تعاني من ازمة خانقة والحركة السياحية ضعيفة جداً، ولولا المغتربون اللبنانيون الذين جاؤوا الى لبنان، لكانت الحركة السياحية في لبنان ضعيفة جداً، ولا يوجد سيّاح لا أوروبيون ولا من الخليج، بل السياح هم لبنانيون مغتربون يأتون خلال الصيف في فترة بسيطة، يزورون أهلهم ويقضون اقل من شهر او شهراً، ثم يذهبون سنة كاملة والسياحة مضروبة الى اقصى حدّ في لبنان.
ولو نظرنا الى المطاعم، لوجدنا ان حوالى 5 آلاف شخص يزورون المطاعم ويتنقلون فيما بينها، ويشغلونها، فيما أكثرية الشعب اللبناني لا تستطيع دخول هذه المطاعم بأسعارها العالية، ويقتصر الامر على مقاه شكلية لا يستطيع الرواد معها التمتع بميزات المطاعم الهامة في البلاد.
هل يعقل ان لا يتم تدشين مشروع واحد في البلاد، لا هو سد مياه ولا هو أوتوستراد، ولا هو جسر، ولا هي طريق عريضة، ولا هو فندق جديد، حتى ان المصيبة وصلت الى المستشفيات، وبات قسم كبير من المستشفيات لا يستقبل مرضى الضمان، لان الدفع من قبل الضمان يتم بعد اشهر.
واما المستشفيات الحكومية فهي غير مجهزة بأجهزة حديثة قادرة على العلاج لاهل القرى والمدن البعيدة.
لذلك يمكن وصف لبنان بأنه يعيش حالة انماء غير متوازن، حيث الانماء يحصل في العاصمة ومحيطها الضيّق، واما المحافظات من عكار الى الجنوب الى البقاع، فالانماء غير موجود فيها، وهنا المشكلة الكبيرة، ذلك ان لبنان يعيش حالة انماء غير متوازن، مما يجعل الهجرة من القرى الى المدن تحصل بنسبة كبيرة وتفرغ القرى من الشبان والشابات الذين لا يجدون مدارس رسمية منتشرة على مدى الأراضي اللبنانية، او جامعات تنتشر في المناطق والمدن كي يتعلم فيها أبناء المحافظات والاقضية، وبالتالي فالجامعات محصورة في مناطق ضيّقة محروم منها كل مواطن يسكن قرية في قضاء او في مناطق بعيدة عن المدن.
السؤال: هو اين الاعمار حتى الان؟
والجواب حتى الان لا اعمار في لبنان بل تخلّف وتراجع الى الوراء وضعف اقتصادي كبير وزيادة في عجز الموازنة وزيادة الدين العام والتخلي عن قطاع الزراعة والصناعة والتجارة وعدم القيام بأي مشروع انمائي جديد.