IMLebanon

أين الدولة؟

ما عدا الوضع الأمني الذي لا يزال ممسوكاً بفعل عوامل داخلية وخارجية، تقاطعت مصالحها على إبقاء لبنان بعيداً عن الانفجار الواسع، فإن كل الأوضاع الأخرى سائبة، فلا دولة تقوم بالحد الأدنى من واجباتها تجاه نفسها أولاً وتجاه مواطنيها في المرتبة الثانية إلى درجة باتت الدول من أجنبية وعربية تبحث عن هذه الدولة وكيف تتعامل معها، ومع من تتعامل،هل تتعامل مع رئيس الجمهورية غير الموجود منذ أكثر من سنتين بسبب خلاف اللبنانيين حول من يكون هذا الرئيس، وهل سيكون من فريق الرابع عشر من آذار أم من فريق الثامن منه، ثم تعددت الأسباب حتى بات السؤال المطروح في كل مكان من يعين الرئيس هل يأتي قرار التعيين من إيران التي اتخذت من لبنان عبر حليفها حزب الله وما يمثل من قوة عسكرية تجاوزت حدود قوة الدولة بمرات أم يترك للبنانيين حرية الإتيان بهذا الرئيس عبر انتخابات ديمقراطية يفوز فيها من يحصل على غالبية أصوات النواب ويسلم من يحصل على الأقلية بالنتيجة ويبارك هو ومن صوت له الرئيس الفائز وتستمر الحياة الديمقراطية وينتظم عمل المؤسسات وفق ما ينص عليه الدستور المعتمد من قبل الجميع.

وف غياب رئيس الجمهورية، تعطل مجلس النواب وهو أعلى سلطة في الدولة عن العمل ولا يجتمع كما ينص الدستور إلا من أجل الضرورات القسوى كما هو معروف بين اللبنانيين، كما لا يجتمع لانتخاب الرئيس لأن هناك فريقاً لبنانياً لا يسلم بالديمقراطية ويصر على ان يفرض الرئيس على الأكثرية النيابية، ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى القوة، تنفيذاً لأوامر ربيبته إيران التي تصر بدورها على رئيس معين ينفذ أمرها ويكون أداة طيِّعة في يدها، وليس أبلغ دليل على ذلك سوى الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل ضد الإجماع العربي، وأدى إلى وضع لبنان في أزمة لم تحدث في تاريخه مع كل العالم العربي من دون استثناء وهو اليوم يبحث عن وسيلة تبرر خطيئته الفادحة، والتي أدت إلى إلحاق الضرر بجميع الشعب اللبناني والاساءة إلى تاريخه المعروف بالاستجابة الدائمة إلى الإجماع العربي وعدم التفريط بهذا الإجماع مهما كانت الظروف والأسباب وأياً توفرت لديه الذرائع للخروج عن هذا الإجماع.

والأمر أيضاً إنسحب على الحكومة، كسلطة تنفيذية وحيدة تتولى إدارة شؤون البلد بصورة مؤقتة وإلى أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية، فتعطل عملها وتحولت إلى حكومة تصريف أعمال حتى انها عجزت ليس عن إدارة شؤون النّاس وحسب، بل عن حل أزمة النفايات التي تحوّلت إلى أزمة صحية بكل معنى الكلمة بحيث تنشر الأمراض والأوبئة ولا من يسأل وإذا ما حاولت الحكومة معالجتها بخطة ما تصدى لها الفريق المعطل للاستحقاق الرئاسي ومنعها من تنفيذ خطتها متذرعاً بحق الفيتو ومن منطلق أن أي قرار يحتاج إلى إجماع الوزراء ولا يمكن إقراره بالأكثرية العادية أو بأكثرية الثلثين كما ينص على ذلك الدستور، زد على ذلك عجز الحكومة ومجلس النواب عن إقرار الموازنة والاستمرار بإدارة شؤون البلد وفق القاعدة الاثني عشرية التي لا تُلبّي احتياجات الدولة في وضع وتنفيذ المشاريع التي تحرك العجلة الاقتصادية، وتوفر للعاطلين مجالات العمل.

كل هذا والبعض من المسؤولين ما زال يتحدث عن عنتريات في التدخل العسكري في معظم الدول العربية حتى وصل إلى البوسنة متجاهلاً تماماً أن هناك دولة تحاسب وفي يدها القرار وليس في يدي فريق آخر وضع نفسه مكانها ويتصرف على أساس انها لم تعد موجودة.