لم يوقع الرئيس ميشال عون قانون الموازنة العامة كما أحالتها إليه الأمانة العامة لمجلس النواب بعد أن وقعه الرئيس نبيه بري فالرئيس سعد الحريري.
ومثل أي أمر آخر ثمة انقسام حول هذا التصرف – الموقف من قبل رئيس الجمهورية. ونحن نود ألاّ ندخل في المهاترات. بل إن نوضح بضع قضايا في هذا الموضوع وحوله.
أولاً- من حيث المبدأ لا شك في حق الناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية وفق الحاجة الإدارية (في الجمارك أو في غيرها) في أن يتم تعيينهم.
ثانياً – ولا شك على الإطلاق في حق رئيس الجمهورية الدستوري أن يوقع أي قانون، أو ألاّ يوقعه، أو أن يعيده الى مجلس النواب. والموازنة، في النهاية، هي قانون يشمله حق رئيس الجمهورية في كلّ من تلك الاحتمالات الثلاثة.
رابعاً – واستطراداً: إذا وقّع تنشر الجريدة الرسمية القانون فيصبح نافذاً. وإذا لم يوقع يصبح القانون نافذاً خلال شهر.
وإذا ردّه يعود لمجلس النواب أن ينظر في «الأسباب الموجبة» للرد، فيعرض القانون على جلسة تشريعية، يؤخذ كلياً خلالها بالأسباب التي أوردها الرئيس في كتابه الى المجلس، أو يؤخذ بها جزئياً، أو لا يؤخذ بها إطلاقاً… فيكون إصرار نيابي على النص الذي اعترض عليه رئيس البلاد.
خامساً – ولكن المسألة ليست هنا. فالرئيس عون يعترض على «دسّ» نص في القانون كان قد سحب من المشروع (مشروع الموازنة) الذي أحيل على المجلس. وبالتالي فإنّ في القانون عيباً جوهرياً (في هذه الحال) وهو إضافة فقرة الى القانون لم يصوّت عليها مجلس النواب. وهذا عيب قانوني كبير (إذا ثَبُتَ) من شأنه ليس فقط أن يجعل القانون ساقطاً حكماً وحسب بل أيضاً أن يُفتح تحقيق إداري (وربّـما عدلي – قضائي) في المسألة.
أين الحقيقة في هذا الأمر؟
المسألة ليست في غاية التعقيد. فبإمكان الذين حضروا الجلسة النيابية أن يؤكدوا ما إذا كان النص الذي يعترض الرئيس عون على دسّـه في النص «بعد إقرار القانون» في مجلس النواب، قد دُس فعلاً! ومن دسّـه؟ وبمبادرة فردية أو لا؟
هذه الأسئلة لن تكون الأجوبة عليها أحجيات وطلاسم، بل يمكن التوصل الى الحقيقة في شأنها من خلال أن يتولى الرئيس نبيه بري إجراء تحقيق سريع مع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان وأمانة مجلس النواب وخصوصاً العودة الى محضر جلسات المناقشة.
فيتبين يقيناً ما اذا كان القانون الذي تلقته رئاسة الجمهورية هو الذي نوقش وأقر في مجلس النواب (خصوصاً حول الفقرة مدار الخلاف) أو هو «محرّف» لجهة الفقرة ذاتها.
فيُبنى على الشيء مقتضاه.