Site icon IMLebanon

ربحنا.. ربحنا… ربحنا….؟؟؟  

 

 

بعد تصعيد اللحظات الأخيرة، دخل وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية ولبنان، حيّز التنفيذ فجر الاربعاء الماضي (الساعة الرابعة صباحاً)، وراح كل من «إسرائيل» والمقاومة يتغنّى بإنجازاته ويعزف نشيد النصر.

 

صحيح أن لبنان تمكّن من إحباط مفاعيل العدوان الإسرائيلي، وصحيح أيضاً أن الاتفاق لا يشير الى إنشاء منطقة عازلة في الجنوب، والتي كانت ضمن المطالب الأولى لـ «إسرائيل»، وسيسمح لسكان القرى في الجنوب بالعودة الى قراهم وبيوتهم.

 

لكن الى جانب ما تقدّم، نشير الى جملة أمور لا بدّ منها، خصوصاً بعد أهازيج النصر، وترداد أناشيد الربح، مع كل عودة للنازحين الصابرين الى الأماكن التي نزحوا منها أو أُرغموا على النزوح منها.

 

ومن هذه النقطة انطلقت، حباً بلبنان وشعبه ومقاومته، لأقول: أين النصر؟ وكيف نكون ربحنا المعركة، إزاء ما حدث منذ فجر الثامن من تشرين الاول عام 2023، يوم أعلنت المقاومة اللبنانية عملية إسناد غزة.

 

أنا لا أنكر أبداً أن العديد من اللبنانيين، أو فلأقل، أكثرية اللبنانيين يؤيدون حق المقاومة الفلسطينية في استرجاع الارض المغتصبة، ولكن نحن في لبنان شركاء… فهل يجوز لأي كان وإلى أية طائفة انتمى أن ينفرد بالقرار.

 

إضافة الى ما تقدّم أبدأ بالنتائج بعد وقف إطلاق النار:

 

أولاً: خسارة خيرة قادتنا… ونبدأ باغتيال الامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله في 27 أيلول (سبتمبر) 2024 في حارة حريك.

 

* كما استشهد رئيس المجلس التنفيذي للحزب السيد هاشم صفي الدين في 23 تشرين الاول 2024.

 

* وسام حسن طويل (الحاج جواد)… هو أول قائد اغتالته إسرائيل منذ بداية مواجهة الاسناد… وهو مشرف على ملف العمليات الخارجية وملف التصنيع العسكري، وكان عضواً في مجلس الشورى للحزب. استشهد في 8 كانون الثاني (يناير) 2024.

 

* طالب سامي عبدالله الحاج (أبو طالب)، وهو قائد وحدة النصر المسؤولة عن القطاع الشرقي. استشهد في حزيران (يونيو) 2024 برفقة المقاومين محمد حسين صبرا وعلي سليم صوفان في جويا.

 

* محمد ناصر (الحاج ابو نعمة) أبرز قادة وحدة عزيز (الرضوان) المسؤولة عن القطاع الغربي، استشهد في تموز (يوليو) 2024 في صور.

 

* فؤاد شكر (الحاج محسن) وهو قيادي عسكري ومن الجيل المؤسّس للحزب، وكان المسؤول العسكر المركزي الاول لحزب الله، وهو كبير مستشاري السيّد حسن نصرالله، وهو المسؤول عن برنامج الصواريخ الدقيقة. استشهد في 30 تموز (يوليو) 2024 في حارة حريك.

 

* ابراهيم عقيل (إبراهيم تحسين)، قيادي عسكري كان عضواً في المجلس الجهادي للحزب. استشهد في 20 أيلول (سبتمبر) 2024.

 

* أحمد وهبي كان من القادة الميدانيين في عملية «كمين أنصارية». استشهد في 20 أيلول (سبتمبر) 2024.

 

* ابراهيم قبيسي (الحاج أبو موسى) تولى مسؤولية الجناح العسكري محور الاقليم ووحدة بدر العسكرية. استشهد في 24 أيلول (سبتمبر) 2024.

 

* محمد حسين سرور (الحاج أبو صالح) قائد تنفيذ المخططات الجوية بالمسيّرات وصواريخ كروز، وهو أحد رواد مشاريع إنتاج المسيّرات. استشهد في 26 أيلول (سبتمبر) 2024.

 

* علي كركي (أبو علي) قيادي كبير في الحزب، وهو عضو المجلس الجهادي. استشهد في شباط (فبراير) 2024.

 

* حسن خليل ياسين أحد كبار مسؤولي جهاز الاستخبارات التابعة للحزب. استشهد في أواخر أيلول (سبتمبر) 2024.

 

* الشيخ نبيل قاووق.. قيادي عضو في المجلس المركزي. استشهد في 29 أيلول (سبتمبر) 2024 في الشياح.

 

* الحاج محمد عفيف المسؤول الاعلامي. استشهد في رأس النبع في بيروت في تشرين الثاني (نوڤمبر) 2024.

 

خسارة كل هؤلاء القادة وعلى رأسهم الشهيد الأمين العام السيّد حسن نصرالله الذي يعتبر قائداً استثنائياً وعقلاً مفكراً… هل يُعد ربحاً؟؟!!!

 

ثانياً: تدمير القرى والأماكن ومسحها من الوجود في الجنوب الصامد والبقاع المناضل والضاحية وبيروت… هل يُعد ربحاً؟؟!!

 

وما حلّ بالمدن الأثرية التراثية والأماكن الخصبة… هل يُعد ربحاً؟؟ وَلْنفصّل:

 

ألف: صور واحدة من أقدم المدن في العالم. يعود تاريخها الى أكثر من 4000 سنة. كانت واحدة من أهم المدن الفينيقية التي ادعى مواطنوها انها تأسّست من قبل الإله العظيم ملكارت. وكانت ميناء قديماً ومركزاً صناعياً يعرف باسم مسقط رأس أوروبا واسمها يعني «الصخرة».

 

وكانت صور في عصرها الذهبي حوالى القرن العاشر قبل الميلاد، وفي القرن الثامن كانت صور تستعمر مواقع أخرى في المنطقة. ولا تزال مشهورة في التاريخ العسكري بحصار الاسكندر لها.

 

باء: أما بعلبك فهي مكان لمجمّع معابد بعلبك الذي يضم اثنين من أكبر آثار المعابد الرومانية: معبد باخوس ومعبد جوبيتر. وسجلت المدينة كموقع للتراث العالمي لليونسكو عام 1984، وهي مدينة المهرجانات الفنية الرائعة في العصر الحديث.

 

جيم: ويأتي البقاع، بأقسامها المتعددة: الغربي والأوسط والشمالي والشرقي. وفيه سهل واسع ينبسط بين سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية، يجري فيه أكبر نهرين في لبنان: الليطاني والعاصي.

 

أعداد الشهداء من خيرة شبان لبنان ومن مختلف الطوائف مقابل «حفنة» من جيش العدو الإسرائيلي.. هل تعتبر ربحاً؟؟.

 

أنا لا أنكر أبداً، ولا أغفل صمود مقاتلينا في الجنوب، فهم سطّروا أروع ملاحم البطولة والعطاء والفداء… فهم قاتلوا بإيمان عميق يسجل لهم.. ولكن… ألم يكن من الأجدى، لو عمدنا الى أخذ مقترحات بحث النقاط الخلافية على الحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، مُذْ جاء هوكستين أول مرة، لكنا وفّرنا هذا الكمّ من الشهداء المناضلين، وهذا الكمّ الضخم من التدمير، ووفرنا على أنفسنا فقدان أهم القادة في مسيرة المقاومة.. ألم يكن الربح أكبر وأعظم وأجدى؟

 

إنّ نتنياهو عدوّ مجرم ومجنون ومتهوّر… لا خلاف على ذلك أبداً… وأكبر دليل ما قام به قبل أربع وعشرين ساعة من وقف إطلاق النار من هجمات بربرية همجية عشوائية، لا هدف لها إلاّ القتل والتدمير.

 

إنّ ما هدّمه العدو في لبنان، والذي قد يزيد -مبدئياً- على 15 مليار دولار، يضع لبنان في مأزق إعمار أكيد.. فهل ستعيد الجمهورية الإسلامية إعمار لبنان؟ حبّذا وليتها تفعل؟ لا تتصوّروا كم حزنا على فقدان أحباء وأصدقاء لنا، وكم تأسفنا وحزنا على مناظر الخراب والدمار… وكم أتذكر بلوعة وأسى عميقين.. انفجار أجهزة اللاسلكي «البيجر»، ذلك الانفجار الذي أودى بحياة عدد كبير من المقاتلين، وترك بصماته على عدد غير قليل عبر إعاقات جسدية تمثلت بفقد بصر أو بتر أطراف.

 

إنها مآسٍ لا يمكن لأحد نسيانها، أو أن يقف موقف المتفرّج عليها… لكنها مناسبة لأنهي بقولي: ليتنا نتخذ مما حدث عبرة للمستقبل… لنوفّر على أنفسنا وشعبنا ومناضلينا الخسائر المادية والجسيمة. وحمى الله لبنان من كل سوء… وليكن وقف إطلاق النار… درساً لكل واحدٍ منا، لنحكّم عقولنا بدل أن نسير وراء العواطف التي تكون صادقة -ولا شك- ولكن التعقّل أجدى منها بكثير…

 

فالعقل قبل شجاعة الشجعان

 

هو أوّل وهي المحلّ الثاني.