Site icon IMLebanon

أين الخطأ؟

مَن يدري، قد يُفاجئنا الحوار بما لم نكن نتوقّعه أو ننتظره، فلمَ لا نمنحه فرصة ثم نحكم على الأعمال والنتائج، لا على النيّات والاستنتاجات، وما سبق، وما لم يحقِّق للبنانيّين سوى الأوهام.

في مثل هذه الظروف التي يعيشها لبنان، ووسط هذه الجغرافيا الغارقة في بحور دمائها ودمارها، قد يكون مطلوباً من الجميع، ومن المعترضين والمتظاهرين والرافضين واليائسين سَلَفاً من المجرَّبين، إتاحة المجال لتجربة جديدة. أو لمبادرة تُحيي الأمل في النفوس، ريثما يتحقّق حُلم ملء الفراغ الرئاسي… قبل رأس السنة؟

أين الخطأ في الدعوة إلى الحوار، وماذا فعل الرئيس نبيه برّي سوى أنه يسعى لجمع شمْل “الشّتات”، في محاولة لاستنباط خطة عمل وإنتاج تُعيد دورة الحياة إلى مجلس الوزراء، ومجلس النواب، مما يُفسح المجال أمام عودة الحركة إلى الأسواق التجارية، والمصانع، والمعامل، والأمل أيضاً؟

أي اتفاق يتوصّل إليه المتحاورون حول مشروع قانون انتخاب جديد، أو خطة عمل تمهِّد السبل والممرّات أمام الاستحقاق الرئاسي الذي يعرف الجميع ويسلّم الجميع أن الدور الرئيسي والكلمة الأخيرة في صدده تعود إلى الخارج القريب والبعيد.

فما الضيْر، وما الغُبن، وما الخطأ في التقاء كبار المسؤولين اللبنانيّين حول طاولة الرئيس نبيه برّي حيث تُفتح جميع الملفات الشائكة والقضايا العالقة… على أن يبقى تحفُّظ المتظاهرين ضد هؤلاء ساري المفعول؟

هل نبقى مكتوفين، نتفرّج على البلد وهو يُفرَّغ من خيرة أجياله وأبنائه المميّزين في اختصاصات علمية مختلفة، عوض أن يستغلّ هذه الكفايات وهذه الثروة العلمية في إعادة بناء “وطن النجوم” الذي باتوا يسمّونه “وطن الزبالة”؟

على الأقل، سيحاول المتحاورون البحث عن معالجات موقتة لقضايا مستعجلة تتهدّد دورة الحياة الاقتصاديّة بكل فروعها وميادينها، وإيجاد مخارج عاجلة لمسائل ملحّة لا تحتمل المزيد من التسويف والمماطلة والعرقلة… كمعضلة الزبالة على سبيل المثال. الاتفاق على دورة استثنائيّة لإقرار مشاريع قوانين مستعجلة، وعلى صلة مباشرة بحياة الناس ولقمة عيشهم.

وما هي الأضرار الوطنيّة والإصلاحيّة والتغييريّة التي يلحقها الحوار بلبنان المشلول المعطَّل بواسطة بعض متزعّميه، ونزولاً عند رغبة خارجيّة أو… داخليّة خارجيّة، وليبقَ كل فريق على موقفه؟

كل الاحتجاجات الواضحة والمفيدة مقبولة، بل مطلوبة. وكل الاعتراضات التي في محلّها ووقتها على الرحب والسعة، سواء كانت عبْر التظاهر، أو أية وسيلة مشروعة أخرى.

على أن الحوار ليس مؤسّسة دستوريّة قائمة بذاتها، ولا بدّ من التصدّي لها حين تجتمع أو يتفرّق أعضاؤها أيدي سبأ. إنه مجرّد لقاء تشاوري يجمع معظم المرجعيّات المعنيّة، فلعلّ وعسى.

فهل يستحقّ لقاء كهذا إعلان الحرب العالمية الثالثة، انطلاقاً من ساحة الشهداء؟