ما عُرف بـ»الربيع العربي» بدأ من تونس إثر حرق البوعزيزي نفسه… فتحوّلت التظاهرات الجماهيرية الحاشدة الى ثورة غضب سرعان ما أدّت الى تنحّي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي كانت زوجته ليلى قد عاثت فساداً هائلاً في البلاد فرحل بعد 24 سنة رئيساً (من 7 تشرين الثاني 1987 الى 14 كانون الثاني 2011).
في المبدأ، كان يفترض بهذا الربيع أن يبدأ في العام 1990 إثر سقوط الاتحاد السوڤياتي الذي كانت تلك الأنظمة العربية التي طالها «الربيع» تفرض أنظمة حديدية على نمطه، فتأخر هذا الربيع إحدى عشرة سنة.
مصر: حكم الإخوان
تسلّق الإخوان المسلمون الحكم في مصر بالوسائل كافة سواء بالعاطفة الدينية أم بالتزوير أم بالقمع والتهويل، ويُسجّل للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دورٌ فاعل في كشف ألاعيب الإخوان.
إنتفض الشعب وأسقط الإخوان، واليوم لأوّل مرّة في التاريخ العربي يوجد في مصر رئيسان في السجن (مبارك ومرسي) ورئيس حاكم…
فقد جاء الرئيس عبدالفتاح السيسي محمولاً على إرادة شعبية رائعة، فقد غصّت شوارع المدن المصرية بثلاثين مليون متظاهر ضد حكم الإخوان مطالبين برحيلهم… وهكذا كان.
ليبيا: المصير المجهول
لم ينفع معمّر القذافي حربه ضد شعبه «من زنقة الى زنقة»… فكان سقوطه مروّعاً… إلاّ أنّ ليبيا لم تعرف الإستقرار بعد ولا مؤشرات الى أنّها ستعرفه في المستقبل المنظور، بل انّ مصير ليبيا أرضاً وشعباً لا يزال مطروحاً بقوة وسط بحر من الدماء.
اليمن: التسوية الهشة
أدّت الاضطرابات في اليمن الى تسوية هشّة بين الرئيس (علي عبدالله صالح) والشيخ عبدالله الأحمر… فانسحب صالح من الساحة التي بقيت مضطربة أكثر من أربع سنوات الى أن دخل الحوثيون على الخط بإرادة أميركية تعويضاً لإيران عن سقوط الموصل… فتمكن عبد الملك الحوثي وجماعته من السيطرة على صنعاء بدعم إيراني كبير أقله بالمال والسلاح والتدريبات… ولكنهم يواجهون اعتراضاً كبيراً من «القاعدة» خصوصاً وأكثرية الشعب السني عموماً.
سوريا: الجرح المفتوح
أمّا في سوريا فعندما انطلقت التظاهرات لم يكن هناك من «داعش» أو «النصرة» أو ما شابه… فقط كان الجيش الحر وبعض تنظيمات الإئتلاف الوطني، بعد أشهر طويلة من التظاهرات السلمية التي قمعها النظام بالحديد والنار.
أطلق بشار السلفيين من سجونه ووضعهم في مواجهة الثورة، بادعاء أنّه يحارب الإرهاب وليس الثوار الوطنيين، ولو تدخلت واشنطن في سوريا كما فعلت في ليبيا لما وصلنا الى «داعش» و»النصرة» وأخواتهما.
العراق: البداية مع صدّام
ولنتذكر أنّ مؤسّس «داعش» الحقيقي كان صدّام حسين الذي استقدم في آخر مرحلة من حكمه أبو مصعب الزرقاوي وبعض مجموعات «القاعدة» في محاولة منه لتخويف الاميركيين وحلفائهم… وبعد سقوط صدّام انتقل قسم منهم الى سوريا حيث كان النظام يرسل السيارات المفخخة (من 2003 الى 2011) الى العراق بحجة محاربة الاميركي وبالتفاهم مع الايراني وبالذات قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري.
ولم تكتفِ «داعش» بهذه التبني من قِبَل السوري، فعندما قام حكم فاسد في العراق تابع لإيران أفرج من سجونه في بغداد عن 1500 متطرّف ومن سجونه في البصرة نحو 2000 من جماعة «القاعدة» وسائر التنظيمات التكفيرية وبعث بهم في وجه الأميركي.
وأوّل مَن حذّر من الهلال الشيعي كان عاهل الاردن عبدالله الثاني.
دور إيران في العراق
من العام 2003 حتى اليوم أخذ النفوذ الإيراني يطغى على العراق، وفرضت طهران نوري المالكي الذي، مثل بشار، يأتمر بإمرة اللواء قاسم سليماني.
فمن أسف بدأت اللعبة سنّي – شيعي في العراق… وأقيمت لكل فريق منطقته: منطقة للأكراد وحكمهم الذاتي، ومنطقة سنّية شبه صافية، ومنطقة شيعية شبه صافية.
والسبب للتدخل الايراني الفاضح في سوريا والعراق ولبنان هو قصة التشيّع… ودفع الإيراني الأموال بلا حدود لتحقيق هدفه.
وما حدث في كل من تلك البلدان ارتكز الى استغلال الفقر والجهل إضافة الى الظلم.
إلاّ أنّ التطرّف الشيعي استجلب تلقائياً التطرّف السنّي… وهذا ما ينشده الاميركي والإسرائيلي خصوصاً أنّ سوريا يلزمها حالياً نحو 800 مليار دولار لإعادة الإعمار هذا لو توقفت الحرب هنا… والعراق يلزمه أكثر… أمّا لبنان فحاله معروفة.
ولو أجريت عملية حسابية بسيطة لتبيّـن أنّ نحو ثلاثة الى أربعة آلاف مليار دولار هدرت في الحروب الاسلامية – الاسلامية… ناهيك بمئات ألوف القتلى!..
وهذا كله بـ»فضل» إيران وأتباعها في المنطقة من اليمن الى لبنان مروراً بالعراق وسوريا، وقد «نجحوا» في تعزيز «داعش» والتكفيريين سواء في النشأة أم لاحقاً في رد فعل إرهابي على الإرهاب الإيراني.
عوني الكعكي