IMLebanon

من أين تأتي رئاسة  اللاقيد واللاشرط؟

مجلس المطارنة الموارنة يرفع الصوت في نداء من أجل الجمهورية، لا فقط من أجل الرئاسة. وهو، إذ يؤكد على كل ما أعرب عنه غبطة البطريرك في عظة الأحد الفائت، يتجاوز سجال السلة والرئاسة الى حوار الينابيع الميثاقية والدستورية. فالسجال، بصرف النظر عن النيّات، كاد يأخذ لبنان من وضع خطر الى وضع أخطر في الاصطفاف الطائفي والمذهبي. والحوار، بصرف النظر عن الرغبات والقراءة في الأخطاء والنزول عن الشجرة، ليس ضماناً للفصل الكامل بين السلة والرئاسة.

ذلك أن بيان بكركي يعيد التذكير بكون رئيس الجمهورية، حسب الدستور، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه. وبناء عليه، ولكي يقوم الرئيس بهذه المهمة الوطنية العليا، ينبغي ان يكون حراً من كل قيد، وعندئذ يكون الرئيس الحكم، لا الرئيس الطرف، ولا الرئيس الصوري. والرئيس نبيه بري صاحب السلة والدور الالزامي في طبخة الرئاسة يعرب عن تأييده للبيان بكل مندرجاته والذي لا يتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني، أي محتويات السلة. ومن الوهم تجاهل ما يعنيه ذلك.

لكن من الصعب في الحوار أو السجال الهرب من سؤال صادم: هل يتم انتخاب الرئيس بحرية كاملة من جانب النواب، ويأتي التوافق الخارجي على اختياره من دون أية التزامات تجاه أحد، لكي يكون في ممارسة مهمته حراً من كل قيد؟ هل بقي ما لم ننتظره من الأحداث والتطورات في المنطقة والعالم لفتح الطريق الى قصر بعبدا؟ ماذا عن انتظار تفاهم سعودي – ايراني وسط أكبر صراع بينهما، ثم نهاية مفاوضات الملف النووي، ثم نهاية حرب سوريا وأخيراً انتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

أحدث ما قيل ان الرئيس سعد الحريري سمعه من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو ان حلّ الأزمة في لبنان يصبح أسهل بعد التسوية السياسية في سوريا. وأقل ما قاله الرئيس بشار الأسد في حديث أخير هو ان المشكلة في سوريا ليست سياسية، وانه مستعد للحوار على حلّ سياسي مع جهات وطنية غير مرتزقة ليست متوافرة حتى الآن.

والسؤال هو: هل المطلوب والممكن تطويع الظروف والمواقف هنا وفي الخارج لتلائم رئيساً أم انتخاب رئيس يعرف كيف يطوّع الظروف والمواقف؟ هل نحن في معركة لانتخاب رئيس أم لابقاء الشغور الرئاسي؟

الظاهر أمامنا هو فريق لا يريد انتخابات رئاسية حالياً، وفريق لا يريد انتخاب العماد ميشال عون، وفريق لا يستطيع تأمين نصاب الجلسة الانتخابية. والكل ينتظر تدخلاً خارجياً أو ان يصنع العجز الداخلي معجزة.