تكاد تختصر اللغة العسكرية ومتفرّعاتها قاموس المفردات الروسية المستخدمة على لسان صانعي القرار والمؤثرين فيه داخل القيادة الروسية.
فالبصمة العسكرية طغت على بقية الجوانب وتداخلت معها وصولاً الى الدوائر السياسية التي باتت كما لو أنها الوجه الآخر للمؤسسة العسكرية بفروعها من الجيوش، الى التسليح صناعةً وتصديراً، وصولاً الى الاستخبارات والأمن وما عداها من متفرّعات المؤسسة العسكرية الأم.
ولا يبدو هذا التداخل مستغرباً، فالعالم كله منهك من الارهاب ويسعى كلّ على طريقته لمكافحته وسط اعتماد كبير على القوة في مقابل قوة الإرهابيين التي تمادت مجتازة حدود دولتها المزعومة.
وإذا كان الاٍرهاب «شاغل الدنيا» بأنظمتها وشعوبها، فلسوريا حصة الأسد منه، بحيث تحوّلت الى البقعة الجغرافية الأكثر جذباً للإرهابيين ومحطة انطلاقهم إلى العالم وقيادة العمليات الإرهابية التي ضربت القارات الخمس.
قبيل الدخول العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية الذي جاء بطلب سوري رسمي كما قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف كاشفاً عن وجود ٤٠٠٠ مقاتل روسي في صفوف الإرهابيين، رسمت القيادة الروسية خريطة الطريق لكيفية القضاء على الاٍرهاب آخذة في الحسبان دول الجوار السوري ومنها لبنان كما يقول احد الجنرالات الكبار. إلّا أنّ المهمة حسب «الجنرال الروسي» أسهل لبنانياً مقارنة ببقية دول الجوار وخصوصاً تركيا المتهم الأساس في تسهيل الإرهابيين وتمويلهم.
ولعوامل سهولة ضبط الحدود اللبنانية سببان أساسيان:
– الاول يكمن في انخراط «حزب الله» في العملية العسكرية وتأمينه الجزء الأكبر من الحدود شرقاً عند سفوح السلسلة.
– والثاني ضبط الجيش اللبناني بقية أجزاء الحدود خصوصاً شمالاً، فضلاً عن تمكنه من ضرب مشروع الإمارة ووصول المجموعات الإرهابية الى شاطئ المتوسط.
ويسجّل «الجنرال الروسي» للجيش اللبناني والاجهزة الأمنية الأداء المميّز في ملاحقة الخلايا الإرهابية وتفكيكها في الداخل، والدخول الى عالم «الامن الاستباقي» من أوسع ابوابه. ويبدو أنّ الكيان الصغير على خريطة العالم الجغرافية لم يعد كذلك على اجندة العمل الروسية.
وعلى رغم أنّ لبنان نال وعداً بالتسليح ورفع منسوب الدعم والتنسيق، تبقى الأمور رهن اللقاء التقني الذي سيعقد خلال شهر بين لجان التنسيق المختصة بالتسليح والتجهيز، وقد يتوّج عمل اللجان بلقاء بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وقائد الجيش العماد قهوجي وسط «همس» عن موعد عملي ومنتج بات قيد التحضير.
وإذا كان للبنان حصة من الخريطة العسكرية الروسية الصرف، فإنّ للديبلوماسية قسطاً ونصيباً، إذ كشفت مصادر في الخارجية الروسية عن إمكانية إنهاء انتداب السفير ألكسندر زاسيبكين الذي سبق ومدّدت فترة عمله في بيروت، على أن يلتحق في الخارجية خلال الصيف الجاري، ليتسلّم سفير روسي جديد المهمة. وكانت قد انتهت فترة انتداب الملحق العسكري اللواء رافيل كورماشوف.
وفي المعلومات أنّ ضابطاً برتبة لواء سبق وعمل كمساعد للملحق العسكري في دمشق سيلتحق بدلاً عن كورماشوف في بيروت، وهذا ما يدلّ على أهمية إلمام الملحق العسكري الجديد بالملف السوري، فيما لم تعرف بعد هوية السفير المقبل الذي سيحلّ بدلاً من زاسيبكين الذي ترك بصمة إيجابية في لبنان بفعل شخصيته المحببة وانصهاره وفهمه الخصوصية اللبنانية.
وعليه يبدو أنّ تزخيماً للعلاقات الروسية- اللبنانية ستشهده الأشهر المقبلة.