الاستحقاق الرئاسي المجمد والمؤجل الى بعد انقشاع الرؤية الاقليمية على الساحة السورية والعراقية واليمنية، أعاد الى الواجهة الدور المسيحي ووضعه على محك المساءلة. اين هم المسيحيون من استعادة دورهم في وجه موجات التكفير والتهجير التي بدأت في العراق ويبدو انها لن تتوقف في سورية مع الطائفة الاشورية؟ والسؤال الآخر هنا يكمن ايضا هل المسيحيون في لبنان تابعون للقطبين الشيعي والسني على خطي 8 و14 آذار؟ ام يملكون حرية الحركة لانقاذ الرئاسة الاولى ومنع الحكومة بآلية إتخاذ القرار من مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية و«تمشية الحال» من دونه والتعايش مع الشغور في سدة الرئاسة كانها مؤجلة الى اعوام طويلة؟
هذه الاسئلة دفعت في الاسبوعين الاخيرين الى تفعيل الحراك على الساحة المسيحية. وهذا الحراك دب في الساحة السياسية ومراوحتها القاتلة بعضاً من الحياة ولو كان محصوراً بلقاءات ثنائية وحوارات تكسر الجمود او بتجمعات سياسية جديدة وآخرها اللقاء الذي اطلقه اللواء عصام ابو جمرا واللقاء التشاوري الذي انبثق من الاجتماع الثماني المنعقد في دارة الرئيس ميشال سليمان منذ اسبوعين، وكذلك استعادة الحرارة على خط الحوار بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من جهة والتيار الوطني والقوات اللبنانية من جهة ثانية. وفي خضم تكتل القوى المسيحية المستقلة ضمن إطار لقاء اليرزة والحوار العوني الجاري بين الرابية ومعراب وبين الرابية وقريطم اين هي بنشعي وهل باتت وحيدة وخارج الخدمة؟
يؤكد النائب السابق والقيادي البارز في تيار المردة كريم الراسي لـ«الديار» ان الحوار الذي يخوضه التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية وكذلك مع تيار المستقبل لا يشعر المردة والنائب سليمان فرنجية باي حرج او ضيق اوخوف من تخلي الحليف العوني عن تحالفه مع المردة طالما انه معلن وواضح وفوق الطاولة. ويشير الراسي الى ان فرنجية رحب بهذه الحوارات خلال زيارته الاخيرة الى الرابية منذ شهر ونصف تقريبا وكان طلبه الوحيد ان تكون معلنة في الاعلام وبعيدة من الابواب المغلقة حتى لا يتم الاستثمار فيها او استغلالها لزرع الشقاق بين التيارين.
العلاقة الجيدة التي تربط «المردة» و«التيار الحر» لا تتحسس من «الانفتاح» الذي يسعى اليه جعجع مع عون من بوابة الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخابات. فسليمان فرنجية اعطى الضوء الاخضر منذ اكثر من عام لمسؤوليه الامنيين للتلاقي والتنسيق والحوار مع مسؤولي «القوات» الامنيين في مناطق الشمال والبترون وطرابلس لتهدئة الشارع ومعالجة اي احتكاك بين المناصرين. واللافت ان نجاح تهدئة الشارع بين الطرفين شجع التواصل على مستوى سياسي ومناطقي وخدماتي وتنموي وحتى نيابي واخيراً تنسيق ميداني مفتوح في القرى البقاعية والشمالية التي يخشى ان تصل اليها يد «داعش»» و«النصرة» والتكفيريين، من دون ان يعني ذلك تطوير التجربة لتكون حواراً ثنائياً على مستوى القيادة الاولى بين «القوات» و«المردة».
وتقول اوساط فرنجية ان العلاقة السياسية بين «القوات» و«المردة» هي شبه جامدة بسبب الخلاف والتباين السياسي مع وضع مجزرة اهدن جانباً، فاللقاءات الثنائية بين فرنجية وجعجع لم تحصل الا في بكركي وبرعاية البطريرك الراعي وفي حضور العماد عون والرئيس الجميل بينما هي على المستوى الشخصي مرتبطة ببعض المناسبات. فخلال إحياء ذكرى مجزرة إهدن الاخيرة ابرق جعجع معزياً الى فرنجية وقبلها كان فرنجية ابرق معزياً بوفاة والد جعجع. وفي تشرين الاول الماضي اتصل جعجع بفرنجية مطمئناً الى صحة نجله طوني بعد حادث سير تعرض له.
ازمة كازينو لبنان والتي ساهم في حلها نجل فرنجية طوني حيث نجح فرنجية الابن وفق الراسي بتحصيل تعويضات منصفة حلت ازمة المصروفين جميعا ومنهم 8 من زغرتا ومحازبو المردة، كرست حضور المردة السياسي الفاعل على الساحة المسيحية وهو إنجاز لم تستطع فعله القوى المسيحية الاخرى والتي دخلت معركة الكازينو طوال اسبوعين.
تيار المردة اليوم على غرار القوى السياسية الاخرى والمسيحية خصوصا يرى ان لا حلول داخلية كبيرة توصل الى انتظام عمل المؤسسات من مجلس نواب الى حكومة او الوصول الى رئيس جمهورية في الامد المنظور.
ويعتقد المردة ان في غياب الحلول الدولية والتسويات في سوريا والعراق واليمن والبحرين ومن دون بت مصير الاتفاق النووي بين ايران والدول الخمس زائداً واحدا لا تسويات او حلول في لبنان وستبقى الازمات مستمرة ومترابطة. وعليه يبقى اي حوار بين الاطراف المسيحية – المسيحية والمسيحية – الاسلامية من جهة اخرى حاجة مطلوبة ومهمة لتحصين الوضع الداخلي وتحضير الارضية لاي اتفاقات وطنية كبرى وحتى ذلك لا يشعر «المردة» انه مستهدف من حوار حليفه حزب الله مع المستقبل او من حليفه العماد ميشال عون مع القوات اللبنانية والمستقبل وهو يشعر انه ممثل وحاضر في كل الحوارات التي تخدم توجهه الوطني العابر للطائفة الى الوطن مع الحفاظ على ثوابته في العلاقة الاستراتيجية مع المقاومة وسوريا.