Site icon IMLebanon

أين«14 آذار» في ذكرى 14 شباط العاشرة؟

في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري وولادة 14 آذار، تُطرح اسئلة كثيرة حول ما تحقق وما لم يتحقق بعد هذا الاستشهاد الذي غيّر مسار التاريخ في لبنان.

عشر سنوات كان اغتيال الحريري فيها حدثاً اعتقد البعض أنّ اسبابه داخلية، فإذا بأحداث المنطقة منذ العام 2011 وحتى اليوم، خصوصاً في سوريا والعراق واليمن، تدلّ إلى أنّ هذا الاغتيال، كان أبعد من مجرد، تصفية شخصية لبنانية مؤثرة، وكان أبعد من مجرد ارتباط باستحقاقات داخلية، كالتمديد للرئيس السابق اميل لحود، أو الانتخابات النيابية، أو حتى القرار 1701.

في تفسير اغتيال الحريري بعد عشر سنوات، يُفترض تتبع ما يجري في سوريا من تمدّد للنفوذ الايراني، ويمكن تتبع حركة هذا النفوذ في العراق، ودعم الحوثيين في اليمن، وكذلك يمكن تتبع المشروع الايراني المتمدِّد، الذي كان رفيق الحريري أحد العوائق القادرة على ازعاجه لما يمثل من تأثير عربي واسلامي، في لبنان وسوريا والمنطقة.

بعد عشر سنوات على هذا الاغتيال، بدأت الصورة تتضح أكثر فأكثر. 14 آذار اللبنانية التي ولدت بفعل هذا الاغتيال، تمت محاصرتها، أما 14 آذار السورية، فأغرقت بالحديد والنار وحوصرت باستيلاد الحركات الإسلامية المتطرفة، واستعر النزاع المذهبي الى اعلى مستوياته، في ظلّ العمل الدؤوب للمشروع الايراني، لحذف قوى الاعتدال السنّي في العراق وسوريا ولبنان، وبهذا كانت النتيجة نزاع مذهبي سيطول لعشرات السنوات، وسيؤدي الى القضاء على حركة الاعتدال، وسيضعف أيّ احتمال لبدء مرحلة انتقالية في المنطقة، وجهتها الديموقراطية والحداثة.

أمام هذا المشهد الغارق في النزاع المذهبي في لبنان والمنطقة، هل ثمة قدرة لقوى 14 آذار في لبنان، او لمن يشبهها في سوريا والعراق وبقية دول المنطقة، على مواجهة هذا المشروع المدمِر؟

وكيف السبيل الى ذلك بعد سنوات من الاستنزاف، والحروب المضادة التي كادت أن تزيل قوى الاعتدال من الخريطة، ليبقى كلٌّ من داعش وأخواتها من جهة والمشروع الإيراني من جهة ثانية، وجهاً لوجه، في ظلّ غياب البديل الحقيقي القادر على نقل المنطقة الى مستقبل أفضل.

يصحّ وصف الوضعية الحالية لقوى 14 آذار في لبنان بعد الضربات التي تلقتها، بأنها انكفأت الى الالتهاء بهمومها الصغيرة، وأنها وضعت مشروعها وتصوّرها للبنان الدولة، في درج الانتظار.

من الحوار «العوني» ـ «القواتي» الذي يدور حول شخص رئيس الجمهورية، من دون التوقف عند سبل إنقاذ الجمهورية، الى الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، الذي يسعى الى تأجيل كأس الاصطدام المذهبي، الى الامانة العامة لـ 14 آذار التي تحولت اجتماعاتها الاسبوعية مجردَ منبر لصدور بيانات سياسية تفتقد لأيّ مشروع، تترنّح 14 آذار مفتقدة حمل المشروع الكبير الذي تبنّته قبل اغتيال الحريري وبعده، وتستمرّ على قيد الحياة بحكم الاستمرار.

لم تعد المشكلة داخل 14 آذار مجرد سعي الى التنظيم والمأسسة، فلا مأسسة حقيقية بلا مشروع سياسي كبير، ولن يكون الحلّ بتكرار ورشات العمل داخل 14 آذار، ولا بحفلة النقد الذاتي السنوية الممِلة، ولا بصورة سنوية جامعة في البريستول، فكلّ ذلك تكرّر حتى فقد معناه.

وبغضّ النظر عن طبيعة التحضيرات لورش العمل هذه، فإنّ المشكلة تبقى في مكان آخر، فـ 14 آذار بكل بساطة لا يمكن اعتبارها أنها ما زالت تحمل مشروع إنقاذ الجمهورية، و14 آذار ابتعدت كثيراً عما كانت عليه قبل العام 2008.

تكفي العودة الى مؤتمرات البريستول و»البيال» وقراءة ما صدر عنها من وثائق، للتأكد من أنّ الذكرى العاشرة لولادة هذه الحركة الاستثنائية في تاريخ لبنان، باتت مفترقاً وجودياً، بين طريقين متناقضَي النهايات.