اذا سلمنا جدلا بأن ملف النفايات يهدد بالاطاحة بالحكومة، لا بد عندها من سؤال عن ملف النفط والغاز الذي «طوشونا» بالحديث عنه ملوحين بالاستعداد لمواجهة اسرائيل في حال وضعت يدها على هذه الثروة اللبنانية المنشأ، فيما ظهر جليا رد ان العدو الاسرائيلي قد بدأ استخراج النفط والغاز من غير ان ينبث اي مسؤول عندنا بكلمة لو، مع العلم ان هذا الملف مجمد بانتظار تقاسم ارباحه من قبل ان يبصر النور، لاسيما ان هناك شركات استخراج واتجار عبرت عن استعدادها للعمل في لبنان، ولم يؤخرها سوى عدم وجود استعداد لتحضير ملف خاص يسمح بدخول المناقصات!
والذين يفهمون بلغة الارقام يؤكدون ولو بشكل حذر اهمية الصمت اللبناني الرسمي الذي يحول دون فتح هذا الملف عمليا، حيث هناك خلاف على تقاسم الجبنة من بين مجموعة اسماء لشخصيات رسمية وسياسية قادرة على لفلفة الموضوع على رغم تشكيل لجنة خاصة بدأت بتقاضي رواتبها التي تقدر بملايين الدولارات شهريا، طبعا بعدما تم احتساب الاموال التي من الواجب ان تذهب محاصصة؟
وطالما ان الامور ذات الاهمية لاقل من النفط، فان وضع ملف النفايات على سكة الحل المتطور لن يبصر النور بعدما تبين صراحة ان مجالات المقاربة اللازمة لن تتم في المستقبل المنظور ليس تعففا بل لان جيوب البعض لن يدخلها اي قرش من النفط، لاعتبارات مذهبية وسياسية بدت من خلال رفض اللجنة ما طرح عليها لجهة تحضير دفاتر الشروط قياسا على ارقام تقريبية وضعها مختصون في اختصاص النفط والغاز، لكنها لم تعجب احد كبار المسؤولين الذين لا يزالون ينظرون الى الموضوع على اساس مصالحهم الشخصية (…)
وما يقال عن النفط والغاز يقال مثله بالنسبة الى رفض جهات رسمية مقاربة ما طرح على الدولة اللبنانية لجهة القبول بشركة هولندية تأخذ على عاتقها تدوير النفايات مقابل مبالغ تقل عن الربع بالنسبة الى تكاليف طمرها بحسب ما كان سائدا عندنا (…)
وثمة من يجزم بان عقبات ادارية اعترضت المشروع الهولندي، ممن اقترح ان يستفيد بما نسبته عشرة في المئة من القيمة الاجمالية للتدوير، الى هنا ويستمر المسؤول المشار اليه في رفض العمل بالفكرة الهولندية التي تكلف اقل من عشرين في المئة مما كانت تتقاضاه شركة سوكلين التي لا تزال على استعداد لان تقدم خدماتها مقابل ما كانت تتقاضاه من اموال (…)
هل انتهت مشكلة النفايات لتبدأ مشكلة استخراج النفط والغاز طبعا لا، حيث لا استعداد رسميا للقبول بما هو مقترح قبل معرفة الى اين ستذهب الاموال التي تردد كثيرا انها تكفي لتغطية العجز في ميزانية الدولة الذي يقدر بأكثر من ثمانين مليار دولار ما عدا السهو والغلط خصوصا عندما كان يقال ان «مقاومتنا ستكون جاهزة لان تتصدى لاسرائيل في حال وضعت يدها على هذا الملف الحساس الى درجة تسمح بشن حرب لا هوادة فيها، في حال استفادت اسرائيل من مخزوننا النفطي والغازي؟
على كل حال ومهما اختلفت الظروف لا بد من القول ان المخزون النفطي – الغازي سيذهب فرق عملة سياسية بدليل مباشرة اسرائيل استخراج النفط والغاز بما يغطي حاجتها واكثر من المطلوب الذي تحتاجه لتغطية مصاريف اقتصادية وانمائية تقدر بمليارات الدولارات، فيما سيبقى لبنان بحاجة ماسة الى كل قرش تنهبه اسرائيل من ثروتنا من غير ان يصدر عنا بيان او موقف احتجاجي!
والذين يريدون بقاء لبنان في هذه المتاهة ليس الشعب بالطبع، بل لان هناك مسؤولين يرون مصالحهم قبل كل ما عداها، اي انه لن يكون مجال لان يفتح ملف النفط ربما لان الحصص المالية- السياسية لم تتحدد بعد، او انها تحددت وهناك من يتطلع الى المزيد من الفوائد كي يعطي موافقته المباشرة باستخراج النفط والغاز (…)
اما الذين يدورون في الفلك المالي للمعنيين بالملف فان لهم دورهم المادي المرشح لان يتطور الى دور سياسي، حيث لا بد وان تكون الاموال العائدة لمخزون النفط والغاز في حدود المليارات، وليس اقل قياسا على ما هو متداول من اسعار وخدمات لا يعرف كيف ستصرف سوى اصحاب المصالح الخاصة الذين يفضلون الوصول الى اكثر مما هم فيه (…)
الخلاصة المرتقبة ان من فشل في معالجة ملف النفايات لن ينجح في حمل ملف الثروة النفطية، ليس لانه لا يريد ذلك بل لان المهمة اكبر منه ومن غيره من شخصياتنا الرسمية التي تبدو بمستوى اقزام الوطن؟!