IMLebanon

أين السعودية في الخلاف الروسي-التركي؟

التقارب السعودي – التركي واضح منذ تسلم الملك سلمان السلطة في المملكة. واعلان أنقرة أخيراً عن عملية مشتركة ضد الارهاب مع الرياض في سوريا ليس الا آخر مظاهره. ولكن في الخلاف الروسي – التركي ثمة اعتبارات سياسية واقتصادية أخرى لدى المملكة.

في الاعلام انتقادات لاذعة يوجهها كتاب سعوديون الى موسكو. ويبني هؤلاء مواقفهم تحديداً على التهديدات الروسية المبطنة التي وردت في صحيفة “البرافدا” المقربة من الكرملين والتي تحمّل الرياض، مع قطر وتركيا، مسؤولية اسقاط الطائرة الروسية في سيناء. ويحمل هؤلاء أيضاً على دعوة مستشار سابق للرئيس الروسي إلى استهداف مواقع عسكرية ونفطية في السعودية وقطر.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أطلق ناشطون ، بينهم سعوديون، حملة للتضامن مع تركيا بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها موسكو في حقها جراء اسقاط أنقرة طائرة حربية روسية خرقت أجواءها. وركز المغردون عبر هاشتاغ دعم _ البضائع _ التركية على وجوب وقوف جميع العرب الى جانب أنقرة في هذه الظروف، فيما دخل آخرون على الخط وأدلوا بتصريحات مناقضة تنتقد دور تركيا. وكان لافتاً انقسام المغردين السعوديين تحديداً فريقين، من يتعاطفون مع تركيا واصفين خصومهم بـ”روسيات بوتين”، ومن يقفون ضدها ويلقبون خصومهم بـ”حريم السلطان”.

في الاعلامين الافتراضي والواقعي دعم سعودي لافت لتركيا، في نزاعها مع موسكو. وبعيدا من هذا الخلاف أيضاً، تجمع السعودية وتركيا أهداف مشتركة لا تتقاسمانها مع موسكو، وتحديداً في الملف السوري الاكثر تقاطعاً بين العواصم الثلاث. هذا وتستمر الحرب النفطية بين موسكو والرياض، وباتت الاسواق الاوروبية ساحة جديدة لها.

ومع ذلك، لا مؤشرات قطيعة بين الرياض وموسكو . لا بل على العكس، جاء اعلان صندوق الاستثمارات في البلدين عن برنامج استثماري لإنشاء وتدشين مشاريع مشتركة بقيمة 10 مليارات دولار ليشكل أكبر استثمارات أجنبية في تاريخ الصندوق الروسي. وأعلن وزير الطاقة الروسي أن موسكو والرياض قد تناقشان أسعار النفط في السوق العالمية منتصف كانون الاول الجاري.

وسط هذه الصورة المتأرجحة، جاء الموقف الرسمي الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في شأن النزاع التركي – الروسي محايداً، إذ اكتفى بالتعبير عن ثقة السعودية بقدرة روسيا وتركيا على التعامل “بكل حكمة واتزان” مع حادث الطائرة.

الواضح أن الرياض تتعامل مع حادث الطائرة على أنه أزمة بين أنقرة وموسكو، وربما بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، أكثر منها أزمة بين خصم وحليف. فعلى رغم غياب الثقة بين موسكو والرياض، يعكس موقف المملكة في الازمة الاخيرة حسابات اقتصادية وسياسية ليس أقلها الدور الروسي في تحجيم النفوذ الايراني في سوريا.