IMLebanon

أين السعودية من احتمال «قلب الطاولة»؟

أين السعودية من احتمال «قلب الطاولة»؟

هذه دوافع نصرالله لمعارضة خيار استقالة سلام

من الواضح أن رئيس الحكومة تمام سلام وصل الى حالة من «القرف والاشمئزار»، غير مسبوقة، قد تدفعه الى الاستقالة او الاعتكاف، إذا شعر بأن فرصة كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها الحكومة باتت معدومة.

ومَن يعرف سلام جيداً، يدرك أنه عندما ينحو في اتجاه قلب الطاولة، فهذا يعني أن قدرة جهازه العصبي على التحمل تلاشت، وهو المعروف عنه بأنه يملك أكبر مخزون من احتياطي الصبر، بين السياسيين اللبنانيين.

وفي حال أصبحت الحكومة «خارج الخدمة»، يكون قد اكتمل انهيار المؤسسات الدستورية للدولة الموغلة في الشغور، من دون أن يستطيع أحد في المقابل اقتراح أي «بديل آمن»، من شأنه أن يضمن حصر الخسائر في مرحلة ما بعد تحوّل الشلل من نصفي إلى كامل.

وهناك مَن يتساءل عما إذا كان سلام يستطيع أن يقلب الطاولة من دون تغطية سعودية، وهو الذي وصل الى رئاسة الحكومة بمباركة الرياض.

ويضيف أصحاب هذا الطرح تساؤلاً آخر عما إذا كان يمكن فصل أي استقالة محتملة عن بعض الحسابات الإقليمية وتحديداً عن ميل السعودية نحو مزيد من التشدد في سياساتها وخياراتها الإقليمية بعد توقيع الاتفاق النووي، «علماً أن الرياض ستكون كمن يطلق النار على نفسه، إذا شجعت استقالة صديق المملكة».

وقد بدا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله واضحاً خلال خطابه الأخير في التحذير من الفراغ والمجهول اللذين قد يترتبان على استقالة الرئيس تمام سلام، مشدداً على أن مثل هذه الاستقالة لن تغيّر شيئاً في خيارات القوى السياسية.

ويؤكد العارفون بدوافع هذا الموقف أنه ينسجم مع السقف العام لتوجهات الحزب، وهو ضرورة حماية الاستقرار النسبي الذي يحظى به لبنان، في ظل الحرائق المندلعة في المحيط الإقليمي، وهذا ما يجعل نصرالله متمسكاً بالحكومة، ومتحمساً لفتح دورة استثنائية في مجلس النواب، ومؤيداً لانتخاب رئيس قوي للجمهورية في اسرع وقت، بل إن قاعدة الحرص على الاستقرار هي التي جعلت الحزب و «حركة أمل» يتعاملان بكثير من رباطة الجأش وضبط النفس مع قطع طريق الجنوب، بسبب أزمة لا علاقة لهما بها.

ويشير المطلعون على مناخات الحزب إلى أن استقالة رئيس الحكومة لن تعالج أزمة النفايات ولن تؤدي الى انتخاب رئيس الجمهورية، ولن تفتح أبواب مجلس النواب، وإنما ستفضي الى تفاقم الازمات الحالية وفقدان اي قدرة على احتوائها، مشددين على أن من يُشغل موقع المسؤولية يجب أن يكون مستعداً لتحمل أنواع الضغوط والأعباء كلها، إذا كان يحقق في ذلك مصلحة عليا.

ويلفت هؤلاء الانتباه إلى أن من المفارقات ان الحزب بات حريصاً على بقاء حكومة سلام أكثر من سلام نفسه وتيار «المستقبل»، برغم أن هذا الفريق هو أحد الأطراف التي تملك حضوراً وازناً في هذه الحكومة، من رئاستها الى تركيبتها.

ويشير المتعاطفون مع «حزب الله» إلى أن كلام نصرالله أتى ليفكّك العديد من المقولات التي يروّجها خصوم «حزب الله»، وفي طليعتها أن الحزب مستفيد من الفراغ في المؤسسات الدستورية ويسعى الى تعميمه وإطالة أمده، لأن إضعاف الدولة يؤدي إلى تقويته وإطلاق العنان لمشروعه ودويلته، «فإذا به يظهر في لحظة الحقيقة من المتحمّسين لحماية الحكومة والاستقرار النسبي، وهو ما لا يتناسب مع أي حسابات ومصالح فئوية من النوع الذي يُنسب إليه».

ويرى هؤلاء أن تمسّك الحزب بالحكومة في هذه المرحلة يثبت كذلك عدم صحة الاتهام الذي يوجّهه إليه خصومه حول نيته الدفع نحو مؤتمر تأسيسي فوق أنقاض النظام الحالي، مشيرين إلى أنه لو صحّ مثل هذا الاتهام، لكانت مصلحة الحزب تقضي بأن يمتنع أمينه العام عن دعوة سلام إلى عدم الاستقالة، لأن فرط عقد الحكومة معطوفاً على الشغور الرئاسي وتعطيل مجلس النواب سينتج مناخاً ملائماً لطرح فكرة المؤتمر التأسيسي.