اين الضرورة في عقد ثلاث جلسات لمؤتمر الحوار طالما المعروف عن المتحاورين انهم ليسوا في صدد اي تغيير في المواقف المعروفة عنها، ان لجهة ما هو مطروح على جدول الاعمال او لجهة ما ليس بوسع احد الادعاء انه في وارد الاخذ بوجهة نظر سواه مهما اختلفت الاراء والمواقف المطروحة على بساط البحث، وما اذا كانت جدية او القصد منها التعجيز، بحسب ما كان عليه البعض امس، حيث لم يسجل تقدم يذكر، بقدر ما كانت مواقف اكدت ان لا مجال لتوقع جديد على صعيد الحوار (…)
ولان لا مجال لتطور المواقف بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية، فان ما قيل عن الانتخابات النيابية جاء متعارضا مع المطلوب، خصوصا ان اللهجة التي وردت في كلام احدهم قد حسمت وجهة نظر سلبية يفهم منها ان لا مجال لاحداث تقدم على هذا الصعيد مع العلم ايضا ان الذي قيل في محافل حزبية اسقط معنى الحوار لان هناك من يعتمد الاثارة في مواقفه على رغم معرفته بأن الامور سائرة الى مزيد من التعقيد في حال استمرت الحال في اتجاه عدم استبعاد السلبية التي تطبع تصرفات البعض عن سابق اصرار وتصميم؟!
ان الغاية التي تسمح للبعض بقول الشيء وعكسه لا تسمح بانتظار تقدم ايجابي في المرحلة المنظورة، فيما هناك من يجزم بأن مصالح البعض تتعارض مع الخصوصية السياسية لغيرهم، اضف الى ذلك انه في حال لم يسجل خرق واضح وصريح لبعض الهنات المقصودة فان الحوار سينتهي من دون حاجة الى القول ان ثمة نتيجة في الافق، مع كل ما يعنيه الفشل في زيادة عمر الازمة مع العلم ان جميع اللبنانيين على اعصابهم بعد طول تحمل »تصرف الامر الواقع« من جانب من لا يريد المصلحة العامة مفضلا عليها مصلحة الغير ان في الداخل او في الخارج.
والذين من هذا الرأي قد فهموا ولو متأخرين ان من الواجب الملح الانتقال الى ما يعني كسر حاجز الخوف الذي يمنع انتخاب رئيس جمهورية صناعة لبنانية، خصوصا ان لا مجال بعد اليوم لحلول وسط، كي تبقى رئاسة الجمهورية معلقة بما لا مجال ايجابيا حيث انقضت فترة طويلة، والبلد من دون رأس يحدد مجالات عمل السلطة من القاعدة الى القمة وهذا بدوره ما يصر عليه البعض على رغم معرفته بأن مواقفه لن يكتب لها النجاح مهما اختلفت الظروف؟
من هنا تفهم الحاجة الى من يحرك المياه السياسية الراكدة حيث لا مجال بعد اليوم للعب على الالفاظ، حتى وان كان المقصود بها كسب الوقت وزيادة عامل الوقت الضائع بين ان يكون هناك رئيس للجمهورية وبين ان يستمر ضياع المؤسسات، لاسيما ان الجميع يعرفون تماما هذا الواقع الذي يهيمن على البلد بسلبية منقطعة النظير، من غير حاجة الى انتظار مفاجآت من الصعب بل من المستحيل توقعها بعد فشل الجميع في التنازل عن تصلبهم السلبي المعروف عنهم.
اما الحديث عن الاعتبارات التي تملي على البعض عدم تغيير موقفه فهي مأخوذة من جانب اولئك الذين يصرون على القول انهم على حق وغيرهم على باطل. وهذا التصور يؤخذ به في مجالات البحث عن حلول وليس مجرد الاعتراف بأن لا مجال لاجراء اي تعديل في نظرة المتحاورين الى ما هو حق وما هو باطل، من غير حاجة للادعاء الفارغ بأن المصلحة العامة هي في اخر الاولويات ان كانت دستورية وقانونية – واقعية، او هي مجرد لعب على الفاظ.
المهم ان لا ينتهي مؤتمر الحوار الى فشل مستمر بعد طول القول ان ثمة تباينا في وجهات النظر يمكن تذليلها في حال كانت تنازلات غير واقعية القصد منها تضييع المزيد من الوقت، وهذه ليست مجرد اعتبارات بقدر ما هي نتيجة حتمية لعدم الرغبة في الاعتراف بالخطأ، فضلا عن كل ما يقال ويدعيه البعض من وجهة نظر لا شك فيها، فيما المقصود معروف لجهة عدم الرغبة في الانصياع لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين؟!
بعد اليوم الثاني من مؤتمر الحوار سيستمر القول ان الذين اجتمعوا في عين التينة قد فشلوا في الانسجام مع ما هو مرجو لاصلاح الخلل في السياسة وفي واقع الدولة بقدر ما يمكن القول انهم ظهروا اصغر مما هو مطلوب بحجم ما هم عليه من موقع قيادي لا تختلف الاعتبارات بالنسبة الى اهميته؟!