IMLebanon

أين معركة حلب  في لعبة يديرها بوتين؟

تصعيد القتال في حلب يوحي ان تبدّلاً حدث في حسابات الرئيس فلاديمير بوتين. والسؤال الحائر في عواصم المنطقة والعالم هو: هل تطابقت حسابات موسكو وحسابات دمشق وطهران أم احتفظ الروس بالتمايز؟ على أي توقيت دقّت ساعة الموعد المضروب بالوعيد مع جهنّم؟ هل ما نسمعه من نظريات واعتبارات استراتيجية وسط أقسى تراجيديا انسانية هو بداية المعركة المؤجلة منذ عامين لأسباب عسكرية من أجل اعادة السيطرة على العاصمة الاقتصادية لسوريا بعد دمارها؟ وهل هو مجرد جولة عنف أشد لأسباب سياسية مرتبطة بما يدور على جبهة التسوية؟

حين سئل بوتين قبل أسابيع في حواره السنوي مع المواطنين عن معركة حلب أجاب بأن الوضع هناك معقّد جداً. وقبل ذلك تصور كثيرون ان سيّد الكرملين اختار توقيت الاعلان عن سحب القسم الأكبر من قواته، ثم الاعلان عن وقف الأعمال العدائية باتفاق روسي – أميركي لتسهيل محادثات التسوية في جنيف. إذ كان القاسم المشترك بين القراءات هو أن السيطرة الكاملة للنظام على حلب تدفعه الى رفض أية تسوية. والانطباع السائد حالياً، بعدما لجأ وفد الهيئة التفاوضية العليا الى تعليق المشاركة في المحادثات، هو ان بوتين يريد إضعاف هذه المعارضة لكي تطالب بما هو واقعي.

والظاهر ان بوتين هو الذي يتولى ادارة اللعبة في سوريا بكل جوانبها. من الجانب العسكري الى الجانب السياسي مروراً بالقضايا الانسانية. فهو يهندس حجم التدخل العسكري الروسي ونوعه مفاخراً بأنه ساهم في استعادة الجيش السوري المبادرة الاستراتيجية. وهو يمسك بأوراقه حول طاولة التفاوض، ويحاول أن يكشف كل أوراق الآخرين. لا بل ان دعمه للنظام لم يمنعه من دعم معارضين له، بحيث يبدو كأنه يفاوض نفسه عبر التأثير على وفد النظام وعلى وفود المعارضين الآتين من موسكو والقاهرة واستانا وحميميم والقوة الكردية التي يطالب بضرورة مشاركتها في جنيف واسقاط الاعتراض التركي على الأمر.

وهذا أقرب الى برج بابل منه الى بحث عن تسوية سياسية. فلا شيء يقدم صورة لجدّية العمل على تسوية، ولو من دون ضمان النتائج، سوى التفاوض المباشر بين وفدين: نظامي ومعارض. ولا أحد يجهل مشاكل المعارضة وان النظام يتصرّف على أساس انه يتحادث مع الموفد الدولي، ويتحدث عن معارضين واصفاً كثيرين منهم بأنهم ارهابيون وخونة. ومع ان حرب سوريا دخلت عامها السادس، فالواقع هو انه ليس لدى أي طرف من المنخرطين فيها استراتيجية مخرج من الحرب بل استراتيجية استمرار فيها.

والغامض بالنسبة الى المشاركين في الحرب والداعمين للتسوية السياسية هو الفصل الأخير من اللعبة التي يديرها بوتين.