المعادلات عبثية: لا تحالف ضد داعش من دون قيادة أميركا، ولا فاعلية سريعة للتحالف بسبب حسابات الرئيس باراك اوباما وادارته. لا دور للجامعة العربية في سوريا والعراق واليمن وليبيا سوى الاتكال على مجلس الأمن الدولي، ولا قدرة لمجلس الأمن على العمل الجدي لأن الكبار مختلفون والصغار يهزأون بقراراته. لا دور لبعض الدول العربية في الحلول، وإن كانت لها أدوار في الصراعات التي تدمر أكثر من بلد عربي. ولا ما سمعه العرب والمسلمون الذين ذهبوا الى واشنطن للمشاركة في مؤتمر لمكافحة التطرف العنيف سوى أن الأوضاع في بلدانهم هي الأرض الخصبة للتطرف، وان العلاج يتطلب متغيرات صعبة على الأنظمة والمجتمعات.
والوقائع خليط من المأساة والملهاة. يرتكب داعش مجازر وحشية فنطالب المجتمع الدولي بالتحرك ضد داعش الذي يبني دعوته الجاذبة للشباب، على أساس أن المجتمع الدولي هو العدو الذي ارتكب الجرائم ضد الاسلام والمسلمين وأذل المنطقة. ويتطرف داعش الى الحد الأقصى طائفياً ومذهبياً ويمارس التكفير والذبح باسم الله، فنحاربه بقوى طائفية ومذهبية أو بأدوات لقوى متطرفة من الاتجاه المقابل، بحيث يقوى داعش وخصومه وتخسر الأوطان والناس.
حتى عندما تعلن أميركا يومياً عدد الغارات الجوية لقصف داعش في العراق وسوريا، فإن الغالب على الخطاب في المنطقة هو المراوحة بين ثلاثة مواقف: الأول هو القول إن داعش صناعة أميركية. والثاني هو تخفيف الاتهام بالقول إن أميركا ليست جادة في الحرب على داعش والارهاب. والثالث هو نفي قدرة أميركا على انهاء داعش واتهام تركيا ودول عربية بتمويل داعش وتسليحه، والتركيز على دور ايران وحلفائها في القضاء على داعش، من دون أية اشارة الى التفاهم الضمني بين واشنطن وطهران على العمليات في العراق وسوريا.
وبصرف النظر عن نسبة الصحة والخطأ في هذه المواقف، فإن ادارة أوباما تبرر المدة الطويلة التي تطلبها للقضاء على داعش بالحاجة الى شريك محلي يقوم بالقتال البري وبديل من الأنظمة لأخذ الدور في الحل السياسي. لكن بين الأشد اختلافاً عن داعش والأكثر حماسة للقضاء عليه من يعطي الأولوية لمرحلة ما بعده ويسأل: ماذا لو اختفى داعش وبقي كل ما كان قبله على حاله مع ما أحدثه العنف من خراب في النسيج الاجتماعي ودمار في العمران؟ ماذا اذا استمر الاستبداد السياسي والفقر والبطالة والصراع المذهبي والتعصب والتعليم المتخلف والهيمنة الأجنبية؟
هزيمة داعش الحقيقية هي التي تأتي ضمن حركة نهوض وطني وممارسة عملية للايمان بالديمقراطية والتعددية والحداثة.