IMLebanon

أين الشيطان الأكبر ؟!

بالرغم من موافقة مجلس الأمن الدولي على رفع العقوبات عن إيران ولكنه أبقى سيفها مصلتاً فوق رأس النظام الايراني، صحيح أنّ المجلس أقرّ بالإجماع «الاتفاق النووي» المعقود بين إيران ومجموعة الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مضافة إليها ألمانيا… ولكنه حذّر إيران من إعادة العقوبات فوراً (أي من دون الرجوع الى المجلس) إذا أخلّت بأي تعهد وارد في الاتفاق.

والاتحاد الاوروبي لم يكن، هو أيضاً، بعيداً عن هذا الجو بإقراره الاتفاق النووي.

وكان لافتاً هذه السرعة الاميركية – الاوروبية في تسريع إقرار الاتفاق الذي بادر باراك أوباما الى إيداع نسخة منه مجلسي النواب والشيوخ مستعجلاً بدء مهلة الستين يوماً التي يمنحها الدستور للمجلس كي يبدي رأيه في أي اتفاقية يبرمها الرئيس الاميركي.

وتحضرني في هذه المناسبة المواقف العربية من القضية الفلسطينية منذ عام  1948 يوم أقرّت هيئة الامم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود قياساً الى الموقف الايراني من الاتفاق النووي، فما قبلت به إيران أخيراً هو أقل بكثير مما أعطي لها قبل عشر سنوات… مع فارق أنّها خسرت الكثير من نموّها وتطوّرها جراء العقوبات، إضافة الى الوقت المهدور عشر سنوات، التي استمرت ولا تزال مفروضة عليها، وهكذا رفض العرب في العام 1948 تقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية، واليوم يلهثون وراء تقسيم لهم فيه حصة ضئيلة جداً، ومع ذلك فإسرائيل لا تقبل!

في أي حال، تلك هي مسؤولية هذا النظام الايراني الذي يخلق لبلده وشعبه الى المخاطر والمآزق… هذا الشعب الذي نشأ على «الموت لأميركا» و»أميركا الشيطان الأكبر» ماذا سيكون موقفه وقد انتهت مفاوضات عشر سنوات الى إسقاط الشعارات وإزالتها من الشوارع في العاصمة طهران والمناطق، ولو تدريجياً؟

وقد يكون مفيداً التذكير بمبادرة الحرس الثوري الايراني الى الانسحاب من السفارة الاميركية في طهران التي احتلها طويلاً، لمجرّد وصول الرئيس الاميركي الأسبق الراحل رونالد ريغان لمجرّد أنّه كان قد تعهّد بتحرير السفارة ما إن يستلم مهامه في البيت الابيض.

وإيران كانت ترفض فكرة تخفيض مخزونها من اليورانيوم أو تمديده، كما كانت ترفض فكرة إخضاع مفاعلها النووي الى الرقابة الدولية… وتراجعت عن هذين الرفضين في الاتفاق الذي عقدته مع المجموعة الدولية.

ورداً على المزاعم بأنّ المملكة العربية السعودية منزعجة من الاتفاق نرى أنّ مشكلة الرياض مع طهران هي مشكلة ولاية الفقيه و»تصدير الثورة» ولم تقل المملكة مرة واحدة إنّها ضد الاتفاق.

ولو عدنا الى الوراء بضع سنوات لتبيّـن لنا أنّ الملك عبدالله كان يحاول جاهداً لإقامة أطيب العلاقات مع إيران التي لم تستجب… ونذكر أنّه عندما توجه الرئيس السابق أحمد نجاد الى تأدية فريضة الحج سهّلت له المملكة أموره وأزيل سقف الحافلة التي أقلته، احتراماً للشعائر الايرانية في الحج، ورغم هذه المبادرات لم يكن من إيران سوى التحريض على المملكة في غير مكان، وبالذات في اليمن حيث حرّضت الحوثيين للتحرش بالسعودية وللإنقلاب على السلطة الشرعية وإقامة نظام في صنعاء معادٍ لها… ما اضطر المملكة لشن حرب لأوّل مرة في تاريخها، دفاعاً عن نفسها وذلك بسبب إيران.

ويتحدثون عن الإنتصار… ويطبّلون ويزمرون: انتصرنا… حققنا أهدافنا…

على مَن انتصروا؟ وأمس بالذات كان كبير قادة الحرس الثوري يهاجم مجلس الأمن الدولي لأنّه لم يرفع العقوبات من دون قيد أو شرط.

فعلى مَن انتصروا؟

وماذا حققوا؟

صحيح أنّ هناك إيجابية وحيدة وهي الإفراج عن الأموال المجمّدة في المصارف الأميركية والاوروبية وأيضاً مضاعفة إنتاج النفط للحصول على مداخيل ضخمة… والمهم ألاّ تستخدمها لتغذية الإرهاب والحروب ضد العالم العربي.