Site icon IMLebanon

أين “حزب الله” من الصراع السياسي الراهن وهل هو مُحرج فعلاً في معركة حليفه عون؟

اين “حزب الله” من الصراع السياسي الشرس الدائر حول موضوع الحكومة والتعيينات الأمنية؟ وهل هو محرج فعلاً كما يقول البعض، أم انه يتوارى خلف “لعبة التقية” كما يزعم البعض الآخر؟

ثمة من يطرح هذا السؤال بالحاح على رغم أن الكباش السياسي الذي يشغل البلاد قد دخل أسبوعه الرابع تقريباً، وذلك انطلاقاً من وقائع واعتبارات عدة أبرزها:

– ان الازمة الحكومية مديدة ومرشحة لمزيد من التعقيد وهي توشك ان تبلغ مرحلة الانفجار.

– ان حليف الحزب رئيس مجلس النواب نبيه بري واضح في خياراته في هذه المواجهة، فهو يعلن انحيازه الى وجهة النظر بأنه سيواظب عبر وزرائه على حضور جلسات مجلس الوزراء، وهو بذا يعلن بكل صراحة انه واقف في الطرف النقيض لتوجهات العماد ميشال عون الذي يستند الى دعم لا ريب فيه من “حزب الله”.

– في خطوة ذات أبعاد جلية أوفد الحزب أحد وزيريه محمد فنيش مع الوزير جبران باسيل الى السرايا الحكومية أخيراً في رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر بأن الحزب متضامن تماماً مع خيارات حليفه العماد عون داحضاً بذلك كل من تنبأ وتكهن بأن الحزب سيتخلف عن هذا الحليف في محطة ولحظة معينة لأن الحسابات ستختلف وتتعارض.

أمام كل عناصر هذا المشهد السياسي ربما ثمة من يستنتج ما جوهره ان الحزب إما محرج تماماً أو انه ربما يبذل جهداً استثنائياً للحيلولة دون ذهاب الأمور في اتجاه يخالف توجهاته المعروفة من زمن وهي الحفاظ على استقرار نسبي، سياسي وأمني، يعصم الساحة الداخلية من التفجر ويحول دون استغراقه هو في تداعياته ومشاكلها.

لم يعد خافياً ان الحزب يستهدي في تعامله مع يوميات الوضع الداخلي بعناصر ثابتة وأخرى متحركة، وهو يحاول عبر حركته هذه مراعاة ثوابته وتحالفاته في آن. وفي مجال الثوابت أولوية باتت لا تخفى على أحد وهي عدم الاخلال بمنظومة الأمان الداخلية والحفاظ على تواصل ايجابي مع حلفائه وتواصل مدروس مع من هم خارج هذه القائمة، والهدف غير الخافي ان تكون له أوسع هامش حركة في مواجهة الخطرين الأكبرين بالنسبة اليه: الخطر التكفيري المستجد والخطر الاسرائيلي المزمن.

ولا شك في ان الحزب وجد نفسه فجأة في معمعة الأزمة الحالية بكل تعقيداتها وفصولها المتتالية عندما التقى أمينه العام السيد حسن نصرالله ذات ليلة في الضاحية الجنوبية رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد عون الذي أبلغ السيد أنه في صدد فتح باب المواجهة السياسية وانه يريد منه موقفاً جلياً. وفي النتيجة كانت للزعيمين رؤيتهما المشتركة للاستحقاقات والاخطار، وتحديد المهمات وسبل التنسيق بين التيار والحزب حول كل النقاط والملفات. وعليه اندفع عون في معركة التعيينات الى أقصى الحدود خلال الأسابيع الماضية الى درجة ان الأوضاع صارت أمام أمرين أحلاهما مرّ، فاما شلل حكومي وانفراط عقد الحكومة عبر اعتكاف وزراء التيار، واما المضي قدماً في معركة التحدي ولي الأذرع وكلاهما له اثمانه وحساباته الدقيقة.

بعض من هم على تواصل مع دوائر القرار في “حزب الله” يخرجون باستنتاج فحواه ان الشلل الحكومي القائم للأسبوع الثالث على التوالي هو خيار لجأ اليه الرئيس سلام نتيجة اتصالات بعيدة عن الاضواء شملت كل الاطراف المعنية لاعتبارات عدة أبرزها:

– إن الشلل، في كل الأحوال، يبقى أفضل من الخيارات الاخرى.

– ان عدم دعوة الحكومة للالتئام معناه ان ثمة رهاناً ضمنياً على مجموعة عوامل قد تفضي في لحظة معينة الى تسوية من نوع ما.

– ثمة شعور لدى فريق 8 آذار جوهره ان سلام يحاذر تكرار تجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى بعد خروج الوزراء الشيعة منها، ففي الامكان الدعوة الى عقد جلسة للحكومة وفي المستطاع تأمين ميثاقيتها، لكن اتخاذ المقررات في ظل معارضة 4 أطراف وازنة هي التيار والحزب والمردة والطاشناق، يعد ايغالاً في الأزمة وتصعيداً لها، وهو ايضاً فتح للمجال في التشكيك بهذه المقررات لاحقاً خصوصاً انه سبق للحكومة الحالية ان اتخذت قرارات بتعيينات عدة.

ثمة في الكواليس من يقول ان التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو لب المشكلة وبيت القصيد، هو موضوع ليس مجمعاً عليه، فهناك طرف آخر لا يرغب في فتح الطريق أمامه للانتقال في يوم من الايام من اليرزة الى قصر بعبدا.

وفي الوقت عينه ثمة من يرى أن “حزب الله” ليس في وارد الذهاب الى أقصى الحدود في قطع الخيوط مع العماد قهوجي في هذه المرحلة بالذات وذلك على النحو الذي سار عليه حليفه العماد عون، ولكن في خاتمة المطاف لن يكون الحزب خارج القرار النهائي الذي سيتخذه عون من هذه القضية برمتها.

ولكن ماذا عن موقع الرئيس بري وخياراته في هذا الخضم؟ وكيف ستتأثر علاقته بحليفه وحليف حليفه وهو الذي لم يكتم انه على الطرف النقيض من حليفيه؟

في رأي البعض ان بري ما زال أحد الحائلين دون الدعوة الى عقد جلسة تحد لمجلس الوزراء يؤازره في ذلك الرئيس سلام نفسه الذي وفق معلومات سرت أخيراً يبذل جهداً لعدم الانصات لأصوات تدعوه الى اخذ الخيار التصادمي والمضي قدماً في لعبة التحدي مهما كانت الاثمان. وبذا يكون بري من دعاة التهدئة والمعارضة في آن انطلاقاً من 3 خصوصيات:

الاولى احتفاظه بهامش حرية عن فريقه السياسي.

الثانية الابقاء على علاقته المميزة بحليفه “حزب الله”.

الثالثة الحفاظ على علاقته المميزة بحليف حليفه، وقاعدتها انه مباح له الخلاف معه في التفاصيل المحلية ولكن شرط البقاء على حلف خفي في القضايا الاستراتيجية.

وبذا يتبدى الحزب مندفعاً مع حليفه عون في “أم معاركه” ولكنه يضع ثقله في ميزان الداعين الى الحؤول دون ذهاب الأمور الى عتبة الكسر، وتحديداً فرط عقد الحكومة، والبقاء عند حدود الشلل الحكومي في انتظار تسوية ما.