في قوى 8 آذار من يقيم على اقتناع بأن رافضي انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية طوعاً، سيضطرون الى فعل ذلك قسراً بعدما بلغت معركة كسر الرئيس السابق لـ”التيار الوطني الحر” مداها، ولم يعد لدى هؤلاء ما يخوضون به هذه المعركة. ولدى الفريق المشار اليه من قوى 8 آذار ما يبرّر به هذا الاقتناع، والقائم على أن معركة الكسر لا تستهدف في الواقع عون تحديدا الذي يشكل بالنسبة إلى الفريق الآخر “حصان طروادة” لـ”حزب الله” الذي يقود من خلاله معاركه الداخلية.
بدا واضحاً من المسار التصعيدي الذي سلكته المواقف الاخيرة لكل من الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله والعماد عون ولا سيما النبرة التهديدية حيال الذين ” عطلوا التسوية”، أن البلاد خرجت من حال المراوحة السياسية الحذرة لتدخل مرحلة التصادم والمواجهة، خصوصاً أن الرهان على سوريا بدأ عدّه التنازلي بعد الانخراط الروسي في الحرب هناك، وقيام الرهانات لدى مختلف أفرقاء الصراع المحلي على أن الحسم بات مسألة أشهر قليلة تمهد لولوج المرحلة الانتقالية للحل السياسي.
انطلاقاً من هذا المشهد، ينتظر أن تدفع الحكومة السلامية ثمن المواجهة القائمة في المرحلة الفاصلة عن نضج التسوية الرئاسية. فسقوط تسوية الترقيات بانقضاء مهل التسريح وإحالة العميد شامل روكز على التقاعد، لن يعيد الروح إلى الحكومة التي علقت مجددا في قمقم شرط تعجيزي جديد لن تقوى على مواجهته، وهو الشرط الذي وضعه عون والقاضي بتعيين قائد جديد للجيش وتعيين المجلس العسكري.
وهذا يعني أن مصير الجلسات الحكومية سيظل رهن القرار العوني ومن ورائه “حزب الله”، الذي وإن كان لا يزال على رفضه التفريط بالحكومة، فهو لن يعطيها شرعية العمل والانتاج. والهدف بات واضحا وفق قراءة مراجع سياسية بارزة، ولا يتوقف عند تلبية طلبات حليفه المسيحي ودعمه في معركته إلى قصر بعبدا، بل يذهب إلى أبعد ويرمي إلى تعطيل صلاحيات رئيس الحكومة الذي لن يجرؤ وفق المراجع، على مواجهة الحزب وعون والمبادرة إلى الدعوة لجلسة حكومية بجدول أعمال عادي.
فتفعيل الحكومة لا يزال دونه مطبات كثيرة ليس في الافق ما يشي بإمكان تذليلها قريباً، خصوصاً أن انعقادها بات مرتبطا بشروط غير قابلة للبت، إن على صعيد تعيين قائد للجيش بعد تأجيل تسريح العماد قهوجي منذ أقل من شهرين، أو على صعيد مقاربة آلية العمل الحكومية وفق ما يطالب بها عون.
سينجح الرئيس تمام سلام في جمع مجلس الوزراء في جلسة تعقد الاسبوع المقبل لبت الامور المستجدة على صعيد النفايات، بعدما حظي بغطاء طاولة الحوار الوطني لعقد مثل هذه الجلسة. وفيما أعلن “حزب الله” إستعداده للمشاركة لبت هذا الملف، فإن وزيري “التيار الوطني الحر” لن يحضرا. ولكن ماذا عن الجلسات اللاحقة؟ وهل يبادر سلام إلى دعوة الوزراء إلى جلسات أخرى، ولا سيما أن البنود المتراكمة فاقت الـ300؟ وهل يحظى بغطاء رئيس المجلس، أو أن أزمة الآلية ستفرض نفسها عائقاً أساسياً معطلاً لأي جلسة؟
تقول المراجع انه كما سقطت تسوية روكز بسبب فقدانها لأي آلية قانونية او دستورية تتيح إجراءها، كذلك ستسقط اي مقاربة لعمل الحكومة تفقد رئيسها صلاحياته تحت ذريعة ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة. وتشير إلى ان الدستور أتاح لرئيس الجمهورية عندما يحضر ان يترأس الجلسات وأن يعارض اي قرار إذا شاء، لكن معارضته وحده لا تسقط القرار. فكيف يمكن وزراء أن يدّعوا الحق بتعطيل القرارات الحكومية بوكالتهم عن رئيس الجمهورية من خلال مطالبتهم للوكيل بما هو غير متوافر للأصيل؟
لكن المراجع تستبعد أن يخوض رئيس الحكومة في الظروف الراهنة معركة تفعيل الحكومة من خارج التوافق، مشيرة إلى أن هذا الامر لن ينعكس تراجعاً في إنتاجية الحكومة وشلاً لها وللبلاد، وإنما سيؤدي تدريجاً إلى ضرب صلاحيات رئيس الحكومة في مجالين: الدعوة إلى جلسة ووضع جدول الأعمال.