ماذا يهم اللبناني من الإنتخابات الرئاسية الأميركية حتى يتابعها بكلِّ هذا الشغف؟
وماذا يعني بالنسبة إليه أن تفوز هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب؟
وما الفارق بالنسبة إليه أن يفوز رئيس جمهوري أو ديمقراطي؟
***
نسارع إلى القول إنَّ الإنتخابات الرئاسية الأميركية تهمُّ كلَّ الكرة الأرضية بمقدار ما تهمُّ لبنان، فالولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت الدولة العظمى الأولى، وليست الوحيدة، تعتبر أنَّ معظم دول العالم هي من دون أيِّ شك مجالها الحيوي وعمقها الإستراتيجي، لذا فإنَّ لها حضوراً في معظم دول العالم ولا سيَّما القوية والحيوية منها.
لبنان يعتبر نفسه معنياً في نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية، إنطلاقاً من المعطيات التالية:
يقع لبنان، بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، على خط زلازل يمتد من العراق إلى فلسطين مروراً بسوريا والأردن، ولأنَّ واشنطن معنية بهذه الدول فإنه من باب أَوْلى أن تكون معنية بلبنان.
المعطى الأساسي أنَّ ليس بالنسبة إلى لبنان أي فارق جوهري أو تأثير أساسي عليه، بين أن ينجح المرشح الجمهوري أو أن تنجح المرشحة الديمقراطية، فكل ما تريده واشنطن من لبنان في الوقت الراهن، هو التالي:
استقرار أمني وسياسي ونقدي، لئلا ينفجر، فتنفجر معه كل قضاياه في آن واحد:
الإستقرار الأمني تترجمه واشنطن باستمرار الدعم للجيش اللبناني، وقد برز ذلك في أكثر من محطة.
الإستقرار النقدي من خلال الهندسات المالية التي أنجزها وينجزها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتي من خلالها استطاع لبنان مواجهة كل الأعاصير.
الإستقرار السياسي، من خلال إنجاز الإستحقاق الرئاسي الذي تمثَّل بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
هذا المثلث السياسي والأمني والنقدي يسمح للبنان بأن يُشكِّل ركيزة ثابتة في ظل وجود ملفات فيه أشبه بالقنابل الموقوتة وفي مقدَّمها قضية النازحين السوريين، فهذا الملف لن يكون بمقدور لبنان أن يعالجه إلا بالتنسيق مع الدول الفاعلة وفي مقدَّمها الولايات المتحدة الأميركية.
***
في العهد الجديد للولايات المتحدة الأميركية، ماذا يُفتَرض بلبنان أن يفعل؟
على لبنان أن يُحضِّر كلَّ ملفاته، بحسب الأولوية:
من ملف النازحين السوريين، إلى ملف اللاجئين الفلسطينيين، إلى ملف الديون الخارجية التي بلغت نحو سبعين مليار دولار، إلى ملف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني وسائر المؤسسات الأمنية، إلى ملف احتياجات لبنان في تطوير البنى التحتية من كهرباء وبيئة نظيفة، إلى ملف احتياجاته التربوية.
هذه الملفات بإمكان لبنان أن يقدِّمها إلى الإدارة الأميركية، وإلى غيرها من الدول الفاعلة بحثاً عن معالجتها، فمن دون هذه الدول لا إمكانية لأية معالجة، بصرف النظر عن كيفية توزيع الحقائب السيادية والأساسية والخدماتية والثانوية في الحكومة الجديدة.
إنَّ ملفات لبنان باتت أكبر من أن يعالجها لبنان وحده، هذه حقيقة يُفترض التواضع الرسمي للإقرار بها، نحن دولة عاجزة عن معالجة قضاياها بمفردها، كلُّ ما بإمكانها أن تفعله هو أن تُقدِّم ملفاتها بشكل علمي ودقيق ليعرف العالم من أين يبدأ المعالجة والمساعدة.
***
هكذا فقط نستطيع أن نقارب الإنتخابات الأميركية لا أن نكتفي بمتابعتها على شاشات التلفزة.