IMLebanon

من أين أتت آليات «حزب الله» في القُصير؟

«حزب الله» في القُصير في أواخر 2016 مختلف عن «حزب الله» طيلة سنوات مقاومته لإسرائيل وتحريره للجنوب عام 2000 وصولاً الى حربه معها عام 2006.

منذ أواخر العام 2012، تاريخ دخوله في الحرب ضد الارهاب في سوريا، خرج «حزب الله» من تحت الارض الى فوقها. فأسلوب «الغوريللا»، أي حرب العصابات، لم ينفع مع الجماعات المسلحة التي تواجه على الارض بأسلحة ثقيلة ونوعية.

ما حدث في القُصير منذ أيام من عرض عسكري لـ«حزب الله» فاجَأ الداخل والخارج بل سرق اهتمام الولايات المتحدة.

«حزب الله» يستعرض مدرعات ودبابات للمرة الأولى منذ نشوئه وعلى أرض سورية ذات سيادة. في الداخل اللبناني، قيل ما قيل عن استعراض عضلات وعن مشهد غير شرعي أو عن خطأ ما أدّى الى تسريب الصور.

امّا في الخارجية الاميركية، فكان القلق الاكبر حيث أعربت عنه الناطقة باسم الخارجية اليزابيت ترودو التي قالت إنّ هذه القطعات بعضها صناعة اميركية، فكيف وصلت الى «حزب الله»؟

وفي حين يستمر التحقيق الاميركي عمّا إذا كان للجيش اللبناني ايّ علاقة بذلك، كشف البحث الارشيفي أنّ ما ظهر في العرض العسكري هو نتاج الغنائم التي كان «حزب الله» قد غنمها من جيش لبنان الجنوبي عام 2000 وبعض المعدات الاسرائيلية، وأنّ مقاربة صور الأرشيف تظهر مطابقتها مع ما عرض منذ ايام.

فالجيش اللبناني لا يخرج عن الحفاظ على استقلال المؤسسة، وهو يحرص دائماً على أن يكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، ولم ولن يكون في وارد دعم أيّ جهة حتى لو أنها تقاوم اسرائيل او تتصدّى للإرهاب. وبالتالي، أسئلة كثيرة يجب أن تُوجّه إلى الأميركيين قبل الامتعاض والتشكيك.

ويقول العميد الركن هشام جابر لـ«الجمهورية»: «يجب ألّا تنسى الولايات المتحدة فضيحة اللواء سليم ادريس رئيس أركان «الجيش الحر»، حينما زوّدته بقطعات مدرّعة استولى عليها «داعش» و«النصرة» لاحقاً، وبالتالي صادرها الجيش السوري و«حزب الله» في معاركهما مع الطرفين وتمكنهما من تطهير مناطق عدة في كلّ أرجاء سوريا».

ويؤكّد جابر أنّ «حزب الله لم يقبل أيّ هدية بمستوى دبابات ومدرعات من ايران او سوريا في مواجهته لإسرائيل، فهو لا يستخدمها في حربه معها لأنه لا يقاتلها بشكل كلاسيكي. لذا ما كان في القُصير هو من محصّلة الغنائم من الارهابيين ومن غنائمه من الجيش الاسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي التابع له».

امّا في رسائل «حزب الله» من العرض، فهي تقع ضمن أطر:

أولاً: في يوم الشهيد، أوّل منطقة حرّرها «حزب الله» من الارهاب هي القُصير.

ثانياً: القُصير قاعدة انطلاق في حربه ضد الارهاب في سوريا وقاعدة اللجوء.

ثالثاً: رسالة إلى العهد الجديد وإلى البعيد الضاغط: لا للضغوط، والعودة من سوريا قرار كبير وليس لبنانياً، فالتمني هو عدم التمني علينا.

«حزب الله» أرادها فعلاً أن تكون منشورة لأنّ هذا المشهد له دلالاته ورسائله، وهو على يقين من انّ الاميركيين مهما استنكروا وشكّكوا يدركون تماماً أنّ العلاقة مع المؤسسة العسكرية علاقة مواقف وطنية تقف عند حدود المصلحة اللبنانية الجامعة ولا تتعدى ذلك أبداً.