بعد ساعات على اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، كان فرع المعلومات أمام استحقاق من نوع آخر. الفرع الذي أسَّسه عملياً اللواء أشرف ريفي والحسن، سيُحقّق في اغتيال رئيسه. مهمة الخَلَف في اغتيال السَلَف، تضع الفرع أمام مسؤولية تاريخية.
اختار ريفي، العميد عماد عثمان ليرأس فرع المعلومات. للرجل سجلٌّ معروف في السلك العسكري، وفي الخيارات يُعتبر ابن «البيت الحريري»، وقد أثبَت فيما بعد كفاية في إدارة الفرع، وكان أوّل اختبار كبير تفجير المسجدَين في طرابلس، حيث تمكّن في فترة وجيزة من كشف المنفّذين ومَن وراءهم.
استعمل فرع المعلومات تقنيات عالية في تتبّعهم، عبر تحليل رحلتهم المعاكسة من سوريا الى البقاع، فالقبيات فطرابلس، حيث نفّذوا جريمتهم. استعمل في هذا التحليل نظام الكاميرات، و»داتا» الاتصالات، ونفذ عملية أمنية ناجحة أدت الى توقيف أحد المنفذين حياً.
في التحقيق في اغتيال الحسن، ضُرِب ستار من السرية الشديدة على الملف. خلال ساعات أُطلقت تصريحات متسرّعة، وسرَت معلومات تنقصها الدقة في التعرّف الى شخص من المنفذين، لكن تبيّن أنّ التحقيق كان يسير في صمت، بعيداً من ضوضاء التجييش الاعلامي والسياسي.
الأهم بالنسبة إلى فرع المعلومات وريفي، كان إحاطة التحقيق بالسرّية اللازمة، واستكمال درس مسرح الجريمة، ومعاينة الكاميرات، وإرسالها إلى الخارج للتحليل اذا لزم الأمر.
أما بالنسبة إلى تحليل الاتصالات، فقام فرع المعلومات بما عليه، لكن كان هناك اقتناع أمني مُسبق، بأنّ اغتيال الرائد الشهيد وسام عيد، كان أول عملية تُنفَّذ من دون أن تستعمل مجموعة الاغتيال أجهزة الخلوي، وأنّ أيّ عمليات اغتيال أُخرى، ومن ضمنها اغتيال الحسن ستُنفَذ بالطريقة نفسها.
الجميع بات يعرف أنّ عيد اغتيل نتيجة تحليل الاتصالات الذي أجراه، والذي كان اساساً للتحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. والجميع يعرف أنّ الحسن زار الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عند اكتشاف شبكة الاتصالات، وطلب التعاون، ولم يردّ الحزب على الطلب.
في الذكرى الثانية لاستشهاد الحسن، قال ريفي إنّ التحقيق قطع شوطاً كبيراً. وأضاف أنّ اغتيال الحسن يشبه اغتيال الحريري، وأنّ المجرم يكاد يدلّ على نفسه. اما وزير الداخلية نهاد المشنوق، فقد وعَد بإعلان التحقيق مؤكداً التوصل الى نتائج واضحة، وهذا يشكّل بعد عامين، أوّلَ إعلانٍ جدّي عن وصول التحقيق الى نتائج، ربما تشبه النتائج الاوّلية التي توصّل اليها فرع المعلومات في جريمة اغتيال الحريري.
هذا التحقيق قطع شوطاً مهماً، وهذا ليس مستغرَباً. واذا كان يصعب توقع المدى الذي توصّل اليه فرع المعلومات طوال العامين الماضيَين، فإنّ معاينة دقيقة لطبيعة الاغتيال تسلّط الضوء، اولاً على المجموعة المنفِّذة التي كانت تتجوّل في شوارع الأشرفية، تراقب وتأتي بالسيارة المفخخة، التي تمّ تعديل موقعها، مرة او مرات، تبعاً لحركة الحسن.
أفراد محترفون يضعون قبعاتٍ لحجب وجوههم عن الكاميرات الموجودة في المنطقة والموضوعة في المؤسسات المصرفية والتجارية.
كلّ ذلك يساعد في اخفاء الوجوه، لكن ما لا يمكن اخفاؤه هو حركة السيارات التي تقلهم، خصوصاً حركة السيارة المفخخة، التي يمكن رصد الكاميرات أن يتتبعها وصولاً الى المكان التي انطلقت منه، وعبر الطرق التي سلكتها.
في افتتاح المحكمة الدولية، عرضت أشرطة كاميرا وجهة انطلاق سيارة الميتسوبيتشي، وسمّت المحكمة هذه الوجهة «جنوب بيروت»، تلافياً لاستعمال اسم الضاحية الجنوبية. هذا حصل بفعل تحليل الكاميرات المتبقية، التي لم تنتزعها أجهزة «الوصاية»، فور اغتيال الحريري. أحد الاسئلة المركزية في اغتيال الحسن هو تحديد الجهة التي أتت منها السيارة المفخخة (المسروقة)، والمجموعة المنفذة، أما توقيت إعلان نتائج التحقيق فيخضع لاعتبارات مختلفة.
لكن ما يُفترض قوله في هذا الاطار إنّ جريمة اغتيال الحريري، اتهمت المحكمة الدولية عناصر في «حزب الله» بتنفيذها، وهذا كان قمة رأس الجبل، ولن يكون الكشف عن التحقيق في اغتيال الحسن، إلّا ضمن سياق واحد، بدأ مع محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، وربما لا ينتهي باغتيال الوزير السابق محمد شطح.