الشلل شبه الشامل ليس جديداً على لبنان. وليس مقتصراً على “بعض” العاصمة بيروت دون سائر المدن والمناطق. بل هو يزنِّر لبنان منذ فترة طويلة. ومستمر على هذا النحو، وربما إلى أَسوأ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وليس مفاجئاً القول إنه يشمل بـ”نعمته” المؤسَّسات العامة والخاصة، مثلما ينعكس على الوضع السياسي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، في طول البلاد وعرضها… آخذاً في طريقه مختلف الطبقات والمستويات البشريَّة، كما المصانع والمصالح والمتاجر من كل صنف ونوع.
هذا الأمر ليس جديداً. إنما لم يكن في سالف الأشهر والأسابيع والأيام بهذه الحدّة وبهذا الشمول، وخصوصاً بعد نزول حملات الاعتراض والاحتجاج إلى الساحات المحيطة بالأسواق المزدحمة بمختلف المحال والمتاجر والمطاعم وصالات السينما… وحتى المصارف وسواها.
وحيث مقرّ ساحة النجمة التابعة لمجلس النواب، فالسرايا الحكومية، وما تعرَّضت له المؤسَّستان الأساسيّتان.
إنه الفراغ الرئاسي. القاصي يعلم والداني لا يحتاج إلى مَنْ يُعلِمه. ومنذ سنة وما يقارب الأشهر الستة. وقد تطول فترة الجمود والتعطيل والشلل أكثر مما كان متوقّعاً، ومما كانت تتوقّعه القيادات السياسية وكبار المسؤولين. وتحديداً بعد دخول الروسيا العظمى على الخط وعلى الوضع في المنطقة، وانطلاقاً من سوريا حيث ركَّزت وجودها العسكري…
المهم، إلى أين من هنا؟
الرئيس نبيه بري، الذي يصغي إليه الجميع هنا وفي الخارج، ليس قلقاً. وفي رأيه أن ساعة الحلول آتيةٌ لا ريب فيها. سواءً بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي، كما قانون الانتخاب الذي ستكون النسبيَّة عنصره الأساسي، “ولا أحد يفكِّر في الهرب من هذا الأمر”.
وفي سياق كلام له عن واقع الحال، وحالات الزمان على لبنان، وحال ما يُسمّى “الحراك المدني”، لم يتردَّد في توجيه الملامة والتأنيب والإدانة لأن الحراكيين “لم يأخذوا بالنصائح التي قدّمناها لهم”، وما جرى في التظاهرة الأخيرة أمر غير مقبول ومُدان حتماً، وخصوصاً بالنسبة إلى الاعتداءات…
على رغم ذلك لا خوف على البلد. فالحكومة مستمرة. والحوار مستمرٌّ بين الأفرقاء، باعتباره يشكِّل بارقة الأمل، فضلاً عن الحوار المتواصل بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”.
فالحواران يوفِّران مناخات الاستقرار.
إذاً، لا وضوح في الرؤية بعد على صعيد الفراغ الرئاسي وموعد الخروج من هذا الشلل المقيت والمدمِّر سوى أن الوجود الروسي الكثيف والقوي يبعث الأمل والارتياح وموضع ترحيب، نظراً إلى أهمية قرار الرئيس بوتين والدور الروسي الجديد والفعّال في الميادين العربية.