IMLebanon

إلى أين تدفع وقائع المنطقة المسيحيين؟

نقاش حول المصير والحضور.. ولبنان

إلى أين تدفع وقائع المنطقة المسيحيين؟

نقاش مغلق وصريح دخلت فيه مؤخراً شخصيات مسيحية مع بعض قيادات الصف المسيحي الاول، عكس تصاعد هواجس المسيحيين وقلقهم من التوترات في المنطقة الى حد ملامسة الخط الأحمر، كما أبرز عجز تلك القيادات عن رسم صورة ولو تقريبية لحال المسيحيين في الآتي من الايام.

سؤال وحيد تمحور حوله النقاش: «المسيحيون في المنطقة ولبنان.. الى اين؟»، الا ان الخلاصات التي انتهى اليها كانت مؤلمة، على ما يصفها مشاركون فيه، وباعثة على ما يلي:

– الخوف من انه لم يعد في إمكان المسيحيين ان تقوم لهم قائمة في هذا الشرق المشتعل والمتوثب على بعضه البعض. وخوفهم ليس فقط بسبب استهدافهم من قبل الإرهاب التكفيري واقتلاعهم من المنطقة، بل من تعرضهم للاستهداف من داخلهم، ومن عجز الفاتيكان وعدم امتلاكه خطة لحماية مسيحيي الشرق، ومن تخلي الغرب الاميركي والاوروبي عنهم وتجاهله – الى حد التواطؤ – مع ما تقوم به تلك المجموعات الإرهابية، ومن عدم امتلاكهم القدرة والنية للدفاع عن أنفسهم، ومن تغليب بعض القيادات مصالحها على حساب كل المسيحيين، والمثال صارخ في لبنان بين ميشال عون وسمير جعجع، اللذين يستظل كل منهما بمظلته الإسلامية وشعارهما المشترك «الرئاسة لي ومن بعدي الطوفان».

– الخوف من أن كل الكيانات والمكونات في المنطقة ترسم حدودها ونقاط تموضعها الا المسيحيين. فقد تعرضوا للذوبان في المنطقة، ويتعرضون للتهديد بمصيرهم في مصر. واما في لبنان فيبحثون عن انفسهم ولا يجدونها. فالحقيقة المرة ان لبنان ليس موجوداً في الاجندة الاقليمية والدولية، واللعبة التي تجري في المنطقة صارت أكبر بكثير من هذا البلد، ووجودهم وحقوقهم في آخر سلم الاهتمامات والاولويات. برغم أنهم خسروا مكانهم في الدولة: رئاسة الجمهورية، حضورهم في السلطة التنفيذية.. وشراكتهم الحقيقية في القرار.

– الخوف الجدّي من فقدان رئاسة الجمهورية نهائياً، نتيجة تخلي اللبنانيين، والمسيحيين بشكل خاص، عن دورهم، إن لناحية اعتباره استحقاقاً وطنياً، او لناحية حث العالم على مساعدتهم في إنجازه، وليس انتظار الخارج ليسقط الرئيس العتيد بـ «الباراشوت».

– الخوف من انهيار الوضع الإقليمي الى الأسوأ بما يشرع مصيرهم ومستقبلهم للاحتمالات والسيناريوهات السلبية. قيل في جلسة النقاش: حتى الآن هناك قوة تحمي المسيحيين من الخطر الداعشي هي «حزب الله»، فماذا لو لم تكن هذه القوة موجودة؟ ماذا يفعل المسيحيون؟ ماذا عن الجيش اللبناني الذي لطالما اعتبره المسيحيون خشبة خلاصهم؟ هل هو قادر على حمايتهم؟ وماذا عن المسيحيين أنفسهم؟ وماذا في أيديهم لحماية أنفسهم؟ وماذا حضروا لكي لا تتكرر صور سهل نينوى في بعض القرى الحدودية المسيحية في لبنان؟

ولكن النقاش حدد ثلاثة مصادر للاطمئنان:

الأول، أن لا أحد في لبنان لديه نية للانقضاض على الآخر لأن الجميع يدرك أن في ذلك فوضى مخيفة.

الثاني، ان العالم يريد لبنان مستقراً، ليس حباً به، بل لأن موازين القوى لمصلحة «حزب الله»، وأي مغامرة معناها إمساك «حزب الله» بلبنان، وهذا ما ابلغه الأميركيون لبعض اللبنانيين.

الثالث، العقلانية تحكم الصورة الداخلية، ومن هنا التشديد على الحــوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، وكذلك الرعاية الإقليــمية والدولية لهذا الحوار. وثمة واقعة معبرة في هذا السياق، فبعد زيارة فرانسوا جيرو الثانية الى لبنان سئل الرئيــس نبيه بري عما يحمله الموفد الفرنسي، فقال: انا لم اعــرف لماذا جــاء، فقد التقيــته وحدثــني بما سبق له أن حدثني به في زيارته السابقة، إلا أن الجــديد الوحــيد الذي لمسته هو قوله الحوار الجاري بين حــزب اللــه وتيار المستقبل، جيد، ارعوه، واهتموا به»!

ـ الخوف من أن المجتمع المسيحي، ورغم كل ما يتهدّده، يعيش تحت خيمة «8 و14 آذار»، ويفضل بعضه في هذه المرحلة إحناء الراس ظناً منه ان المرحلة ليست مرحلة حقوق المسيحيين.

ـ الخوف ألا يرتقي حوار ميشال عون وسمير جعجع الى هذه الهواجس والمخاوف. فهل سيستطيعان الإجابة على سؤال كل مسيحي: أين سيكون مسيحيو لبنان بعد 5 أو 10 أو 25 سنة…؟

ـ الخوف من أن يأتي احد ما من مقلب الشريك المسلم ويثير موضوع الفارق العــددي بين المسلمين والمسيحيين، ويقول صار عددكم لا يتجــاوز 15 %… وهو أمر وارد. هذا يوجب طمأنة جدية للمسيحيين من قبل الشريك المسلم تضمن حضورهــم في المســتقبل الآتي، وأقصر الطرق الى ذلك يمكن أن تتــبدى ضمن الدســتور وفي صيــغة ما تنهي مشــكلة العدد، وتنهي أيضاً مشــكلة أن المســيحيين دائماً على ذمة الآخرين وفي مراكبهم ومحادلهم الانتخابية.