IMLebanon

أين كان العراق وأين أصبح؟  

 

 

لا نزال ليومنا هذا نعاني من انتصار حرب تشرين ١٩٧٣ يوم قرر كيسنجر مشروعين للقضاء على العالم العربي، المشروع الأول: القضاء على الجيوش العربية، والمشروع الثاني: فتنة شيعية – سنية لتدمير العالم العربي.

 

بالنسبة الى المشروع الأول عندما غزت أميركا العراق في ٢٠٠٣ أول عمل اتخذته كان حلّ الجيش العراقي، لتجريد العراق من قوته الذاتية والقضاء عليه، وبكل بساطة شرد مليون ضابط وعسكري من الجيش وليس لديهم مأكل أو مشرب أو مأوى… ففرطت الدولة العراقية واستولت عليها إيران على طبق من فضة، وبدأت الميليشيات الشيعية بتنفيذ المشروع الثاني أي تحقيق الفتنة السنية – الشيعية…

 

من هنا نقول إنّه لو بقي صدام في الحكم، وبقي العراق دولة مرهوبة الجانب، لما استطاع حكام إيران أن يتباهوا بالسيطرة على أربع دول عربية العراق وسوريا ولبنان واليمن.

 

ولكي نعرف ونقدّر الأهمية التي كانت للعراق والنظام العراقي الذي لم تكن له أي علاقة بالطائفية وبالمذهبية البغضية، نذكر أنه قبل الخميني ونظام «الملاّت» لم يكن أحد في العالم العربي يتحدث بالطائفية إنما بالقومية والوطنية: مصري، سوري، عراقي، لبناني (…)، بعد وصول الخميني الى السلطة بدأت عملية التفتيت: هذا سني، وهذا شيعي، وهذا درزي، وهذا مسيحي، وتلك كانت أكبر خدمة لإسرائيل وتحقيق لهدف طمحت إليه منذ قيامها.

 

ونود أن نقدم صورة عن العراق الوطن الذي كان منيعاً قبل حكم «الملاّت» في إيران، وقبل قيام الفتنة.

 

 

فقد حدث أنه خلال استقبال الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف لعدد من السفراء الجدد لدى العراق تقدم السفير الايراني الجديد كي يسلمه أوراق اعتماده كسفير جديد لطهران في بغداد، وبعدما سلمه وثائق الإعتماد قال له: سيدي الشاه يبعث لكم بتحياته القلبية ويرجو منكم الإعتناء بأبناء الطائفة الشيعية.

 

جن جنون الرئيس «عارف» من كلام السفير الجديد فخلع حذاءه وقذفه بوجهه وسط ذهول الحاضرين ثم لاحقه في ردهات القصر الجمهوري وهو يقول: ألعن أبوك لأبو شاه إيران.. كلب ابن كلب.. توصيني بشعبي يا حقير؟ الشيعة في العراق عرب ومواطنين عراقيين وليسوا إيرانيين يا كلب أسيادك.. ولا نسمح لكم بالتدخل في شؤوننا الداخلية بكل هذه الوقاحة.. اعتنوا بالشيعة العرب في إيران قبل أن تطلبوا منا الاعتناء بهم في بلادهم.

 

وقد حال بينهما في ذلك اليوم وزير الخارجية العراقي حينها «إسماعيل خيرالله» والذي قام بدوره بأمر السفير الايراني بالتوجه الى مطار بغداد على الفور باعتباره مطروداً من قِبَل حكومة جمهورية العراق.. وبالفعل غادر السفير الايراني بغداد عائداً الى بلاده على الفور..

 

لم تمضِ ساعات قليلة على هذه الحادثة حتى اتصل شاه إيران بالرئيس العراقي معتذراً ومعرباً عن أسفه الشديد لما وصفه بـ»التصرف الشخصي اللامسؤول» من قِبَل السفير الايراني ومتوعداً بمحاسبته على فعلته تلك.. ثم أرسل سفيراً جديداً بعدها بأيام قليلة.. ولما استقبله الرئيس «عارف» كانت تبدو عليه علامات الغضب وقال له: ألم يحمّلك الشاه أي رسالة لنا؟ فقال السفير: نعم.. لقد أرسل لكم تحياته القلبية.. كما أنه يعد جنابكم باتخاذ إجراءات من شأنها تحسين أوضاع العرب في بلادنا. فهز الرئيس «عارف» رأسه وقال: نعم.. هذا ما ينبغي عليكم فعله!