IMLebanon

أين “طلعت ريحتكم”؟

عندما كتبت مقالات أعترض فيها على أداء بعض المنظمين والمشاركين في الحراك المدني، انتُقدت بشدة واعتبروا موقفي خيانةً وطنية، علماً أنني أؤمن اكثر من أي كان بدور الشباب وبأن التغيير وخلق نهج وتيارات جديدة هو الأمل الوحيد للتخلص من طبقة سياسية فاسدة لم تتمكن من تقديم اي شيء مختلف منذ ١٠ سنوات!

اعترضت على الآلية وعلى بعض المنظمين الذين لم يقدموا صورة أفضل، والبرهان على أن الحراك فشل لأنهم، حتى الآن، لم يتمكنوا من تحقيق مطلبهم الاول: حل جذري للنفايات. ونحن اللبنانيين فشلنا ايضاً بعدم الوحدة والضغط من أجل ايجاد حل لملف جامع كملف النفايات! واعتدنا العيش معها وكأن شيئاً لم يكن! ورضخنا مرة جديدة لطبقة سياسية تطرح حلولها الخاصة وتوهمنا بأن هذه الحلول للمصلحة العامة، والحقيقة انها حلول لمصالحهم والتوازن بين الترويكا الحاكمة.

اليوم نسأل: أين اصبحت “طلعت ريحتكم”؟ ومع بداية سنة جديدة، ألا يجب إيجاد معارضة قوية، نبيلة، مؤلفة من شباب هدفهم التغيير؟ وأغتنم الفرصة لطرح هذه الفكرة، وهي ان يجتمع بعض أصحاب النيات الصافية والاجندات الواضحة لإيجاد منبر جديد للشباب، على الأقل، ليعبروا عن رأيهم ويحلموا بلبنان مختلف، وأتذكر كيف بنى جبران تويني ورفاقه ملحق “نهار الشباب” وحلموا بالتحرير يومها، وكان الحلم مستحيلاً وكبيراً ثم تحقق عام ٢٠٠٥، فلمَ لا نحلم بطبقة سياسية نظيفة جديدة على الأقل لتضغط على الطبقة القائمة لتحقيق بعض النقاط والمطالب؟ في هذا العيد المجيد لا نتمنى سوى أن تكون السنة المقبلة مختلفة على صعد مختلفة، لأننا فشلنا هذه السنة في الاعتراض حتى على أبسط حقوقنا.

انفتح أمل عند الناس مع قيام الحراك المدني ومع تململ اللبنانيين من حالة القهر والتهميش والفساد السياسي والاداري في الدولة، ولكن فسحة الأمل لم يكن عمرها الا من عمر ورود أول الربيع. ومع ذلك لن نظل نبكي حظوظاً وفرصة لم نعرف كمواطنين وكشعب كيف نحافظ عليها ونطورها ونوظفها من اجل ان تشعر الطبقة السياسية فعلاً، وبالمحسوس، أنها صارت تحت خطر المساءلة والمراقبة والتشهير والضغط الشعبي المحق. فلتكن إذاً السنة المقبلة اختباراً لنا جميعاً لنتأكد اذا كنا قادرين على قلب الطاولة لمصلحة الانسان اللبناني اولاً وأخيراً. ولتكن اختباراً حقيقياً لكل من يريد لبنان الانسان المنفتح الذي يسعى الى عيش كريم يجنبه الاذلال والاستمرار في العيش تحت وطأة المصالح والمحسوبيات والتبعية والنفعية. وآن الآوان لكي نثبت لانفسنا وللعالم اننا شعب يستحق اليوم ان ينتفض لانسانه كما انتفض سابقاً لكرامة وطنه وسيادته واستقلاله