IMLebanon

أي عون في القصر  أي حريري في السراي؟

لبنان يبدو محكوما بمعاودة الدوران في المأزق، من حيث تصور كثيرون اننا بدأنا الخروج منه قبل شهر. وكل يوم يمرّ على انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري يضعنا في حيرة تتزايد بين مشهدين نخلط فيهما بين ما هو واقعي وما هو افتراضي: واحد هو حديث الميثاقية والتسليم بالشراكة بين الأقوياء في طوائفهم، والتنافس بين القوى الاقليمية والدولية على الترحيب بالوضع اللبناني الجديد والوعد بتقديم الدعم له، ومسايرتنا في قصة صُنع في لبنان. وآخر هو الايحاء ان معركة ما بعد الشغور الرئاسي هي استمرار للحسابات والسياسات في معركة الشغور على محاور عدة بينها تأليف الحكومة.

ولا أحد يصدّق أن عملية الأخذ والرد حول الحقيبة الوزارية التي سيتم إسنادها الى تيار المردة هي ما يعرقل تأليف الحكومة.

إذ لو كانت القصة مجرد تأليف حكومة قصيرة العمر وفي بداية العهد الذي يعطى عادة فترة سماح، لما كان من الصعب ارضاء المردة. ولا شيء يوحي ان الرئيس عون والرئيس المكلف الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله يجدون من المناسب مصارحة الناس، على افتراض ان المصارحة بينهم كاملة، بحقيقة العقد والعقبات والمطالب التي تطيل عمر الشغور الحكومي وتؤخر البداية العملية للعهد. فما نسمعه هو التركيز على الظاهر والشكلي الذي يغطي الجوهري. وما نراه من عدة الشغل هو رسائل بالواسطة وألعاب وتفسيرات بالوكالة قابلة للنفي والإنكار حين يتفق المختلفون.

ذلك ان التحولات في المنطقة والعالم ضاغطة جدا على لبنان. والطابع الشخصي للخلافات المحلية ليس غائبا عن المشهد. كذلك الأمر بالنسبة الى القلق حيال العامل الجديد في الأوزان الداخلية وهو التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، والتخوف من ثنائيات بين الطوائف. لكن مختصر الصراع على موقع لبنان الاقليمي هو السؤال: أي عون في القصر، وأي حريري في السراي؟ عون الذي أعيد تذكيره بأن وصوله الى الرئاسة هو جزء من انتصار محور الممانعة وعليه البقاء فيه؟ أم عون الرئيس القوي الذي يريد اعادة التوازن الى علاقات لبنان الاقليمية والدولية، ويرى في تحييده عن صراع المحاور مصلحة وطنية عليا، ويضع في برنامجه بند بناء الوطن الذي يبدأ باعادة بناء الدولة؟ الحريري المختلف مع ايران وسوريا والحريص على الحوار وربط النزاع مع حزب الله والتفاهم مع السعودية، أم الحريري الذي قدّم تنازلات في باب المخاطرة والذي عليه ان يذهب في المرونة الى الحد الأخير؟

الحكومة من وسائل هذا الصراع المعقد جدا. لكن العمل في التأليف تقليدي.