IMLebanon

هذا ما فعله ريمون إده…

كان لبنان خارجاً لتوِّه من “الثورة الحمراء” التي استهلكت موسم الاصطياف وما تبقّى من ولاية الرئيس كميل شمعون، حين اكتشف الرئيس الجديد اللواء الأمير فؤاد شهاب أن “ثورة بيضاء”، مُهيَّاًة لتكون حمراء، قد دهمته في بداية عهده.

انخضَّ البلد سياسيّاً و”طوائفيَّاً”، وعادت بواريد “الستّين” الايطاليّة الى الظهور في مواكب من السيارات الملفوفة بعلم الكتائب والعلم اللبناني.

وبدأت التلفونات بالطنطنة، مثلما بدأت التصريحات والتصريحات المضادَّة.

للحال قرأ العميد ريمون إده المكتوب من عنوانه، فسارع الى الاتصال بالرئيس شهاب في قصر صربا، مقترحاً عليه صيغة حكومة جديدة.

رحَّب شهاب ودعا العميد للحضور فوراً الى مكتبه، وهو يُسائل نفسه كيف دبَّت الحمية في ألدّ خصوم عهده قبل أقرب الزعماء السياسيين إليه.

وصل العميد الى القصر الجمهوري، وفي يده اليسرى ورقة صغيرة ضمّنها اقتراحه. بعد السلام وقبل الجلوس ناول إده الرئيس الورقة التي تقترح تأليف حكومة رباعية قبل غياب الشمس، وبعد قبول استقالة الحكومة الكراميَّة التي لم تكن قد استقالت بعد. سأل شهاب إده: هل تكون الوزير الرابع؟ أجاب العميد: أقبل، وأطلب ودّ وزارة الداخليَّة.

ابتسم شهاب وهو يشدّ على يد إده شاكراً مبادرته، كما مشاركته في الحكومة التي أَوْصَلَت لبنان الى برّ الأمان… وأعادت العميد العنيد الى كرسيه في برج المعارضة.

كما تقول الأصول، وكما تنصُّ الديموقراطية البرلمانية، وكما يقتضي الواجب تجاه الوطن حين يكون في محنة…

هذه “الحدّوتة” الوطنية أعادنا الى تفاصيلها التي تصلح درساً مفيداً لكثيرين من السياسيين ومتصدّري الواجهات، ما يتعرَّض له لبنان من هزَّات وأزمات ومخاطر. ومصدر معظمها أُناس يتزعَّمون أناساً يصفقون دائماً لكل ما يفعله المتزعمون حتى ولو أدى ما يؤدي اليه الفراغ الرئاسي.

بالطبع، لا بدَّ من تقدير الخطوات والاجراءات والمساعي التي تصدر عن الرئيس نبيه بري والرئيس تمّام سلام و”الرئيس” وليد جنبلاط، الذين يحافظون على لبنان في هذه المرحلة، ويحرصون على استمرار المؤسَّسات ولو “صوريّاً”، ريثما يظهر الدخان الأبيض من آخر اجتماع نووي في آخر يوم من حزيران.

ثمّة إلحاحٌ يُصبُّ علينا يوميّاً بوجوب توجيه سؤال واحد الى المعطّلين وواضعي العصي في الدواليب: الى أين تأخذون لبنان واللبنانيّين نتيجة هذه المهاترات، والعكاظات؟

راجعوا ما فعله ريمون إده مع الرئيس شهاب في اللحظات الحرجة، لعلّكم تفقهون معنى المسؤولية الوطنيّة، والواجب تجاه الوطن في الاوقات العصيبة.