IMLebanon

أيهما أفضل للبنان: رئيس يدير الأزمة أم تأخير انتخابه ريثما يخرج منها؟

السؤال المطروح في الأوساط الرسمية والسياسية والشعبية وتختلف الاجوبة عنه هو: أيهما أفضل انتخاب رئيس للجمهورية والوضع في المنطقة على ما هو ولا يسمح له أياً تكن صفاته ومواصفاته، إلا بادارة الأزمة وإنهاء الشغور، أم تأخير انتخابه الى حين يصير في امكان الرئيس إخراج لبنان من الوضع الشاذ الذي يعيشه منذ سنوات طويلة، إذ لا احترام فيه للدستور ولا للنظام ولا للقانون، وليس فيه دولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها، وعلى تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز، ولا يكون لها شريك في السلطة ولا في السلاح؟

يرى سياسي مخضرم يتابع عن كثب الاتصالات واللقاءات والمساعي المبذولة لإنهاء الشغور بانتخاب رئيس للجمهورية، ان يبدأ مع انتخابه قيام الدولة القوية التي لا سلاح غير سلاحها ولا قرارات تصدر إلا عنها، ولا سياسة داخلية وخارجية تقرر سوى سياستها، وإلا كان عهد هذا الرئيس امتداداً لعهود سابقة لم يكن فيها دولة.

لذلك فإن الانتخاب الذي يأتي برئيس يحكم ولا يكون محكوماً لا من خارج متدخل ولا من داخل مسيطر، يتم عند التوصل الى اتفاق على الملف النووي الايراني اذ منه ينطلق الاتفاق على كل ما يجري في المنطقة بحيث لا تعود ثمة حاجة الى الإبقاء على سلاح “حزب الله” الذي ينتفي دوره مع قيام دولة قوية في لبنان، ولا تعود حاجة ايضا الى سلاح لمقاومات فلسطينية وجهاديين لأن الظرف العربي والدولي يصبح مؤاتياً لتحقيق سلام شامل في المنطقة، ولا تعود الفوضى سائدة في عدد من الدول فيها، وينهي تقاسم النفوذ بين الدول المعنية اقليميا ودولياً هذه الفوضى ويقيم حكما قادرا على تحقيق الامن والاستقرار فيها، وبتحقيقهما يتحقق النمو والازدهار، وتتحسن أوضاع الشعوب فيها، فيكون ذلك اول عامل مهم من عوامل القضاء على الارهاب الذي ينمو من شدة الفقر الناتج من تدهور الاوضاع الاقتصادية والمالية ومن شدة القهر الناتج من أنظمة الاستبداد.

أما اذا تعذر التوصل الى اتفاق على الملف النووي الايراني ودخلت العلاقات الاميركية – الايرانية مرحلة التأزم الشديد، فإن المنطقة وما هو أبعد منها ربما تدخل في حرب طاحنة لا يعرف أحد مداها ونتائجها، وعندها لا يمكن إبعاد لبنان عنها. أما اذا صار التمديد مرة أخرى لمفاوضات الملف النووي، فإن الوضع سيستمر على حاله في لبنان والمنطقة في انتظار ما ستؤول إليه هذه المفاوضات، ولن يكون رئيس للبنان، أيا تكن صفاته، ومواصفاته، سوى رئيس ادارة الازمة او الوضع الشاذ مثله مثل رؤساء سابقين والى أجل غير معروف، ويكون انتخابه هو الكحل عوض ان يستمر الشغور الرئاسي ويكون العمى…

لذا فإن انتخاب رئيس للجمهورية سيكون انتخاباً للرجل الذي يصلح لمرحلة استمرار الوضع الراهن في لبنان والمنطقة، ويصلح ايضا لمرحلة ما بعد انهاء هذا الوضع بحيث يستطيع ان يقيم في لبنان الدولة القوية القادرة والجمهورية الجديدة العادلة، ويتم معها تنفيذ القرار 1701 كاملا، واعتماد سياسة النأي بالنفس ترجمة لـ”اعلان بعبدا”، وهو ما لا يستطيع اي رئيس اذا ما استمر الوضع الراهن في المنطقة تغييره، وهو ما جعل النائب وليد جنبلاط يقول في حديث الى “النهار” انه يفضل نظريا فصل لبنان عن سوريا “الا ان الساحتين تداخلتا تقريبا في كل الجبهات. ولكن واقعيين كلبنانيين، هناك امور نستطيع معالجتها واخرى لا نستطيع، واذا خرج مزايد ليقول بتطبيق اعلان بعبدا، فهذا امر مستحيل اليوم”.

هذا الكلام لجنبلاط صحيح وواقعي لأنه لا يمكن دولة ضعيفة واسباب ضعفها معروفة، ان تقرر وتنفذ قراراتها بدليل انها كانت شبه دولة في ظل السلاح الفلسطيني، وكانت دولة مستعارة في ظل الوصاية السورية، وها هي تعود شبه دولة في ظل سلاح المقاومة بقيادة “حزب الله”، اذ انها قررت النأي بالنفس عما يجري في سوريا ولم تستطع فرض التزام الجميع هذه السياسة، فقرر “حزب الله” وحده مخالفة هذه السياسة ما اضطر الحكومة الى الاستقالة. والشيء نفسه يتكرر اليوم مع الحكومة الحالية، بحيث بات واضحا ان لبنان يرتاح عندما تكون الدول المحيطة به مرتاحة، وهي لن ترتاح الا اذا كانت الخطوة الاولى على طريق مفاوضات الملف النووي الايراني خطوة ناجحة. فلننتظرها إذاً ومعها أيضاً نتائج الانتخابات في إسرائيل لعلّ التغيير يبدأ منهما.