إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية مرتبط بتنازلات متبادلة لمصلحة المؤسسات
في الوقت الذي تترقب الأوساط السياسية انعقاد الجولة الثانية من الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» في الأسبوع الأول من السنة الجديدة، فإن الأنظار تبدو مشدودة إلى اللقاء المنتظر بين مرشح قوى «14 آذار» رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ومرشح قوى «8 آذار» رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، حيث تشير المعلومات إلى أن موعد انعقاده بات قريباً جداً بانتظار وضع اللمسات الأخيرة على جدول الأعمال الذي يتضمن عدداً من الملفات الخلافية وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي.
وإذا كانت الأوساط القريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري تعرب عن ارتياحها للنتائج التي أفضت إليها الجولة الأولى من حوار «المستقبل» و«حزب الله»، مبدية ارتياحها لمسار الأمور على هذا الجانب، فإن مصادر قريبة من رئيس حزب «القوات اللبنانية» ترى أن اللقاء المرتقب مع النائب عون يكتسب أهمية بالغة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، داعية إلى عدم انتظار المعجزات من هذا اللقاء، لكن مجرد انعقاده برأيها يعتبر حدثاً بحد ذاته ويريح الساحة الداخلية والمسيحية خاصة، سيما وأنه سيصار إلى استعراض جملة من الملفات الدقيقة وفي طليعتها الانتخابات الرئاسية والبحث في ما يمكن القيام به لتذليل العقبات أمام إنجاز هذا الاستحقاق في أقرب وقت لما فيه مصلحة البلد واللبنانيين.
ولفتت المصادر إلى أن اللبنانيين يترقبون هذا اللقاء على أمل أن يساهم في الخروج بنتائج عملية تساعد على حل بعض الأزمات التي ترخي بثقلها على الوضع الداخلي، من خلال تقديم التنازلات التي تغلب مصلحة لبنان على مصالح الآخرين، مشيرة إلى أن كل حوار يجري بين الأطراف اللبنانية فيه مكسب للبلد ويفتح الباب أمام تخفيف التشنج ونزع فتائل التوتير الداخلية التي تثير المخاوف والإرباكات بين اللبنانيين.
وبالتوازي مع استئناف الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» وتوقع انطلاقة حوار مقابل بين «القوات اللبنانية و«التيار العوني»، فإن تساؤلات تطرح عن مدى قدرة المتحاورين على الخروج بقرارات مشتركة يمكن أن تساعد في إيجاد الحلول، وما إذا كان الحوار السني الشيعي أصعب من الحوار الماروني الماروني، في ظل التعقيدات الكثيرة التي تفرض نفسها على طاولة المتحاورين في ما يتصل بعدد كبير من الملفات الداخلية المرتبطة بتطورات الأوضاع في المنطقة، وبالتالي هل بإمكان «المستقبل» و»حزب الله» التغلب على الكثير من نقاط الخلاف التي تواجه حوارهما، أم أن هذا الحوار سيكون للصورة فقط، كما كانت عليه الحال في الحوارات السابقة، وعلى الضفة الأخرى هل سيحدث اللقاء الموعود بين جعجع وعون خرقاً يبدو صعباً في جدار الأزمة الرئاسية، أم أن الرجلين سيكونان عاجزين عن تجاوز خلافاتهما، ما سيزيد من حدة الانقسام الماروني الماروني وعلى المستوى الوطني أيضاً، ما يعني بوضوح إخفاق اللبنانيين في حل مشكلاتهم وهذا بالتأكيد سيفاقم من حجم المشكلات الداخلية ويعزز أكثر فأكثر من وصاية الخارج على لبنان، في الوقت الذي تتواصل فيه الاتصالات الفرنسية الإيرانية بحثاً عن تسوية تبدو بعيدة لأزمة الاستحقاق الرئاسي طالما أن اللبنانيين عاجزون عن إيجاد هذا الحل بأنفسهم.
رداً على هذه التساؤلات، تجيب أوساط سياسية مراقبة أن الحوار بين القوى السياسية يفتح بارقة أمل على إمكانية الخروج بحل، شرط أن تكون سليمة لاستيلاد هذا الحل وفصل الملف اللبناني عن ملفات المنطقة والكف عن المراهنة على متغيرات خارجية قد تفرض معادلات جديدة في لبنان لا يمكن للبنانيين تقبلها بعد الآن.