يحق للشعوب في الدول المتقدمة والعظمى والأعظم، ان تغلط أو تنخدع باختيار رؤسائها وقادتها، وهي مستثارة اما في حالة هستيريا أو حالة جنون موقت، فتختار رئيسا غير متّزن أو متوازن. مع ذلك فان هذه الزلّة لا تشكّل خطرا على تلك الشعوب، لأن دولها تملك الضوابط لاعادة تصحيح المسار، أو تصحيح الرئيس، أو عزله واعادته الى بيته. أما الدول الأخرى المعتّرة في العالم، ومنها لبنان، فليس لديها هذا الترف، وأية غلطة على هذا الصعيد قد تكون مصيرية قاتلة. وقد وقع لبنان في التجربة. وتعلم الدرس جيدا، ولديه اليوم من القيادات ما يشكّل حماية له من الوقوع في الخطيئة مرة أخرى…
***
شهدنا في هذه الآونة وفي السنوات الماضية الكثير من شدّ الحبال حول قانون الانتخاب وغيره من القضايا الموروثة أو الطارئة، وجرت اللعبة في أجواء ساخنة جدا بين المتبارين، ومع ذلك فان اللاعبين كانوا يفضّلون العودة الى نقطة الصفر، بدلا من الاستمرار بالشدّ وقطع الحبل! وهذا ما نراه يتكرر اليوم في قضيتين: قانون الانتخاب الذي يجري تدويره من سنة الى سنة، وقضية الكهرباء الموروثة والمتعارف عليه انها من مغارات علي بابا الكبرى في لبنان! ان عدم إقرار قانون انتخاب جديد في هذا العهد ينطوي على معادلة قاصمة مفادها: خاسر – خاسر! وذلك صحيح بالنسبة للعهد، ولكل القيادات السياسية في لبنان دون استثناء. ولأن القيادات اللبنانية لا تزال تظهر قدرا كبيرا من ضبط النفس ومن الحكمة، فهذا يعني اننا واصلون الى قانون جديد قبل فوات الأوان…
***
أما القضية الثانية المتعلقة بالكهرباء فقد أحدثت حالة عجائبية لدى الجماعة السياسية، ذلك ان التيار الكهربائي والمتهالك والمتقطع صعق السياسيين ولكنه فشل بصعق الأسلاك لتوليد الطاقة والانارة! وحتى وزير الطاقة فشل في توليد تيار مقنع لمعارضي مشروعه الباذخ للانارة صيفا، كما فشل في المهمة نفسها في الانارة شتاء، فهدّد علنا بأن لعنة الظلام ستحلّ على لبنان في السنوات الثلاث المقبلة اذا لم يتم إقرار مشروعه… وأظهرت الوقائع على الأرض، ان التيار الوطني الحر هو أكثر توترا من أسلاك الشبكة الكهربائية!