لا تزال كوريا الشمالية تخضّ العالم في تعنتها وإصرارها على مواصلة برنامجها في مجال الصواريخ عابرة القارات والتجارب النووية، وهما أمران مكلفان جداً في وقت يعيش الشعب في فقر مدقع يلامس الجوع، بينما كوريا الجنوبية جارتها، و»ابنة عمها» إذا صحّ التعبير (كون أبناء البلدين شعباً واحداً)، تصنّف في طليعة الدول المتقدمة في العالم.
أول من أمس أجرت كوريا الشمالية تجربة صاروخية جديدة بعد 15 يوماً على التجربة الأخيرة فأطلقت صاروخاً عابراً للقارات اجتاز نحو 700 كلم ثم سقط في بحر اليابان… واشنطن وموسكو وبيجينغ (وسواها من العواصم) سارعت الى التنديد بالتجربة والبيت الابيض وصفها «بالعمل الاستفزازي»… وفي العاصمة الصينية أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني تشي جينبينغ عن «القلق الشديد».
وبالرغم من هذا المأزق الذي تمر به بلاده، يبدو الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ يونغ غير مبالٍ، وهو يفرض شروطاً ليرد على استعداد كوريا الجنوبية الى الحوار… فما كان من الرئيس الكوري الجنوبي الجديد مون إلاّ أن ندّد بما اعتبره استفزازاً غير مسؤول.
وتمضي بيونغ يانغ في استفزازها وإن كانت قد أبدت حداً أدنى من الليونة بإمكان إجراء حوار مع واشنطن «إذا تأمنت الظروف».
في هذا الوقت طالب الرئيس الاميركي دونالد ترامب بتشديد العقوبات على بيونغ يانغ بعد التجربة الصاروخية الجديدة التي حملت الكثير من التحدّي، خصوصاً وأنّ الصاروخ استقر على مقربة من الحدود الروسية البحرية…
ويبدو أنّ التصعيد الكوري الشمالي يواجهه تصعيد أميركي مماثل بعدما أبدى ترامب استعداده لأن يحل «بمفرده» الأزمة الكورية الشمالية…
علماً أنّ ترامب ويونغ سبق أن تبادلا التهديد الأعلى… فقال الرئيس الاميركي والناطقون باسم مواقع إدارته إنّ الاستعداد جاهز لمحو كوريا الشمالية عن الخريطة، وبالمعيار العالي ذاته هدّد الرئيس الكوري الشمالي بضربات «ساحقة ماحقة» تدمّر «تدميراً كاملاً» كل المدن الاميركية الكبرى وبالذات نيويورك وواشنطن.
ويبدو أنّ هذا الصراع قد يبلغ مداه بوجود رئيسين استثنائيين في كل من واشنطن وبيونغ يانغ لا يقدّران العواقب، ويطلق الواحد منهما العنان لتصرّف قد يقود الى حرب يُعرف كيف تبدأ ولا يُعرف كيف تنتهي.
عوني الكعكي