IMLebanon

أيّهما يصحّ في التعزيزات العسكرية الروسية: تحفيز الحل أو تسعير الحرب الأهلية؟

يسود اعتقاد لدى مصادر مراقبة في بيروت أن تعزيز روسيا مواقعها في المنطقة الساحلية في سوريا قد يكون مرتبطا بطريقة أو بأخرى بتحفيز موسكو لحل للازمة السورية خلال ما تبقى من ولاية الرئيس الاميركي باراك اوباما استناداً الى أن الاخير الذي يظهر ابتعاداً ارادياً عن المنطقة قد يكون ميالا الى القبول ببنود في الحل النهائي المحتمل على غير ما يمكن أن تكون عليه الحال أمام من يخلفه. وذلك على رغم التخوف الذي يبديه ديبلوماسيون بأن يساهم تعزيز روسيا وجودها العسكري في تسعير الحرب الداخلية في سوريا على خلفية أن مساعدتها للنظام ستنسف جهودها السابقة للم شمل الجميع، كما سيؤدي الى استفزاز التنظيمات المعارضة وليس فقط تنظيم الدولة الاسلامية. لكن مع الاحتمال الاول الذي يبدو اكثر ترجيحاً بالنسبة الى المصادر المعنية، فإن الحل مع اوباما لا يزال اكثر سهولة من كل التوقعات المستقبلية. اذ لا يتوقع بالنسبة الى المرشح الديموقراطي الاكثر حظاً على غرار هيلاري كلينتون أن تتبنى المقاربة نفسها التي اعتمدها أوباما للوضع السوري وفق ما اعلنت كلينتون نفسها. والامر قد يكون اكثر حدة مع رئيس من الحزب الجمهوري في حال فوزه بحيث يتعذر على الرئيس الذي سيخلف اوباما اعتماد سياسة معاكسة تماما لسياسة الاخير على غرار رد الفعل العكسي الذي تبناه هو في سياسته رداً على سلفه جورج دبليو بوش، فذهب الى سياسة الانسحاب كليا من المنطقة في مقابل الانخراط القوي لبوش فيها، الى حد اعتبار اوباما مسؤولا عن انهاء تاريخ من المصالح الحيوية الاميركية في المنطقة. وحين كانت المفاوضات تجرى مع إيران على ملفها النووي كان ثمة اقتناع لدى هذه المصادر بأن إيران ستعمد في النهاية الى القبول باتفاق على ملفها النووي لاعتقادها بأن الظرف مثالي مع رئيس اميركي على غرار اوباما يطمح الى انجاز الاتفاق ومستعد لان يقدم الكثير في التفاوض من اجل تحقيق انجازه الاهم خلال ولايتيه. ومن هذه الزاوية، فان رغبة روسيا في انجاز اتفاق حول سوريا قد يكون مدفوعا برغبة قوية في الاستفادة من وجود اوباما، بحيث يمكن الحصول في المفاوضات على الموضوع السوري بما يمكن أن يصب في مصلحة روسيا وحلفائها وفي مقدم ذلك ضمان حليفها الرئيس السوري إن لجهة بقائه في السلطة اطول فترة ممكنة أو لجهة تحصيل ضمانات قصوى في التسوية المفترضة.

تحركت روسيا في الايام الاخيرة لتعزيز موقعها العسكري في المنطقة الساحلية التي يسيطر عليها النظام مستفيدة من تصاعد موضوع اللاجئين السوريين وهربهم الى اوروبا التي تتخبط دولها في ازمة حقيقية ادت الى وقوع انقسامات كبيرة بينها حول كيفية مقاربة هذا الموضوع والحؤول دون تفاقمه مستقبلاً، علماً انها سارعت الى الاعلان عن برنامج لسنوات عن استقبال اللاجئين. لكن يمكن روسيا أن تجد آذاناً صاغية ايجابية لدى اوروبا في ضوء معاناتها الاخيرة. وقد برزت نقاط التقاء مع روسيا على غرار ما قاله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مثلا في مؤتمره الصحافي الاخير في قصر الاليزيه حيث حمّل تنظيم الدولة الاسلامية مسؤولية الهجرة الكثيفة للاجئين على غرار ما تفعل روسيا، من دون الاشارة الى دور بشار الاسد في هذا الاطار. وكان لافتاً اعلان المستشارة الالمانية انجيلا ميركل في عطلة الاسبوع الماضي، بعد اجتماع في برلين حول أوكرانيا حضره أيضاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ضرورة التعاون مع روسيا في موضوع سوريا، وهو موقف لافت تزامن مع تعزيز روسيا قواتها العسكرية في سوريا، علماً أن الولايات المتحدة لا تغفل دور روسيا وسبق لمسؤوليها الكبار أن أعلنوا تعاونهم معها في الموضوع السوري وكان الموفد الاميركي الى سوريا مايكل راتني من بين اواخر من زاروا روسيا على اثر استقبالها مجموعة كبيرة من المعارضة السورية وزعماء المنطقة. كما يعتقد أن روسيا تحركت على خلفية الايحاء بأنها هي من يأخذ دور الدفاع عن الاقليات وهي التي تسعى الى حمايتهم في وجه تمدد تنظيم الدولة الاسلامية وتطمح لأن تؤمن لهم الدور الكبير في سوريا المستقبل. وهي تعني بالاقليات طائفة العلويين في الدرجة الاولى التي ينتمي اليها الاسد. وهي تتقدم بهذا الدور على إيران باعتبار أن ثمة حساسية مذهبية يثيرها التدخل الإيراني على هذا الصعيد في اطار دعم النظام العلوي ضد الاغلبية السنية في سوريا. ووجود روسيا في المنطقة الساحلية السورية يمكن أن يندرج أيضاً في اطار الرسائل التي تعزز شروطها من حيث اعلانها انها في سوريا اصلا لمساعدة النظام وامداده بالمعدات وتدريب العسكريين تحت طائل أن يكون وجودها للمحافظة على هذه المنطقة بحيث اذا رغبت الولايات المتحدة والغرب لاحقاً في توحيد سوريا فعليهم التفاوض مع روسيا، ويمكن أن يستخدم وجودها من اجل تطبيق المساعدة والحماية أو توظيفه كفزاعة أيضاً لخصومها في الموضوع السوري. ومن هذه الزاوية يبدو ما يحصل تعزيزاً لشروطها في الحل وموقعها في المنطقة اكثر منه ضماناً لاستمرار وديمومة الاسد خصوصا أن تجربة العراق ماثلة مع رئيس للوزراء يحظى بالدعم الدولي الكافي لكن من دون قدرة لا على توحيد بلاده ولا على الحكم في الوقت الذي لا يحمل مسؤولية مقتل اكثر من 300 الف مواطن أو تهجير الملايين أيضاً وتدمير بلاده.