لبنان بألف خير ولم يكن ينقصه سوى ما سرّبه موقع ويكيليكس، ليُصبح صديقاً مع مؤسسة وليام أسانج.
لبنان بألف خير ولم يعد ينقصه سوى أن يجلس كل لبناني وراء الكومبيوتر ليُفتّش بين الستين ألف وثيقة علّه يجد ما يشفي حشريته.
لبنان بألف خير ولم يعد ينقص الصحافة اللبنانية سوى ملء صفحاتها بموسمٍ جديد بما يُقال إنه كشف للوثائق.
لا، لبنان ليس بألف خير، فحين يكون في حال قهر، على كل المستويات، ويشغل نفسه في وثائق مسرّبة، لم ينتهِ التحقيق في صحتها أو صحة بعضها، وفي فبركة بعضها الآخر، فهذا دليل على أن بعض أبناء الجمهورية لا همّ لهم سوى التسلية حتى بالرقص فوق الضحايا، أو مَن هُم مشاريع ضحايا.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن أولاً: كيف لموقع إلكتروني، مهما كان متقدّماً في تقنيته أن يخترق أرشيف دولٍ قادرة على حماية منظوماتها الالكترونية وتملك المستلزمات المادية لحماية هذه المنظومة؟ إذاً لنُفتّش عمَّن هُم وراء الموقع؟ ومَن يستهدفون؟ حين يبدأ البحث من هذه الزاوية يكون التفكير منطقياً، أما حين يتم الإكتفاء بالتسلية، فإنّ الموضوع أخطر مِن أن يكون مجرّد تسلية.
أكثر من ذلك، فإنّ همروجة ويكيليكس قريباً ما ستنحسر وتضمحل كما انحسرت واضمحلّت سابقاتها من الهمروجات. ألم يحصل الأمر عينه في الأعوام السابقة؟ ماذا قدّم أو أخّر مثل هذا الأمر؟
ليطمئن الجميع، لمرة اولى وأخيرة، لم يعدْ هناك سرّ على الكرة الأرضية، فما كان سراً أمس، يُكشَف اليوم، وما هو سرّ اليوم يُكشَف غداً. إنها مسألة وقت، فقد تكون بالأيام وربما بالساعات وربما بالدقائق وربما بالثواني، لقد انتهى عصرُ الإخفاء، فما هو ممكن إخفاؤه هو ما لم يحدث، فليطئمن الجميع.
ولكن ماذا بعد ويكيليكس؟ لم يبقَ لبناني يمتلك انترنت إلاّ ودخلَ على موقع ويكيليكس، لكن غداً يومٌ آخر، إنه تماماً كأمس بكلّ تراكماته واستحقاقاته، فكفى التلهي فمَن منكم بلا ويكيليكس، فليرمِ الآخرين بوثيقة.
لنعُد إلى همومنا ومشاكلنا، كم من ويكيليكس في وزاراتنا واداراتنا ومؤسساتنا؟ أين الملايين والمليارات المهدورة؟ أين التلزيمات بالتراضي؟ أين عدم المحاسبة؟ أين تلزيمات سوكلين؟ وماذا بعد منتصف تموز حين سيمتلئ البلد بالنفايات؟ أين رئاسة الجمهورية؟ أين رئيس الجمهورية؟ أين اجتماعات مجلس الوزراء؟ أين جلسات مجلس النواب؟ أين تحصين موسم السياحة والاصطياف؟ أين الموازنة العامة للعام 2015؟ أين الإنتهاء من ملف مطابق وغير مطابق في المواد الغذائية؟ أين السير بملف الأخطاء الطبية الى النهاية؟
إنّ كل ملف من الملفات الآنفة الذكر تساوي ألف ويكيليكس، فتوقفوا عن التلهي به وعودوا إلى الملفات التي تهم اللبنانيين.