Site icon IMLebanon

أي مسار  وأية ثورات؟

الذكريات تتزاحم في يوم واحد: ١١ شباط الذي مرّ أمس. الذكرى الرابعة لبدء الانتفاضة التي سميت ثورة ١١ فبراير ضد حكم الرئيس علي عبدالله صالح في اليمن. الذكرى الرابعة لإجبار الرئيس حسني مبارك على التنحّي، وسط غليان الشباب في ميدان التحرير وفشل القمع في مواجهة الانتفاضة التي سمّيت ثورة ٢٥ يناير. والذكرى السادسة والثلاثون لانتصار الثورة الاسلامية في ايران.

والروزنامة تفرض الاحتفال، سواء حيث جرى تطويق الانتفاضة أو حيث جرى تطويرها. واذا كان البعض ينطبق عليه المثل الشائع عن انتزاع النصر من بين أنياب الهزيمة، فان البعض الآخر يجسد المثل المعاكس عن انتزاع الهزيمة من بين أنياب النصر.

ذلك ان انتفاضة اليمن تنقلت خلال أربع سنوات من ورطة الى ورطة. لا فقط بسبب التعقيدات الداخلية والمصالح بل أيضاً بسبب الصراع الجيوسياسي الخارجي. فالمطالب التي كانت أساس الانتفاضة السلمية جرى الالتفاف على جوهرها بتسوية أقصت شباب الانتفاضة وجمعت في السلطة الجديدة – القديمة جماعة صالح وخصومه. ورئاسة هادي ومخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور أنهاها انقلاب الحوثيين بزعامة عبد الملك الحوثي وبتسهيل من خصمهم القديم علي صالح ودعم من ايران. وهو انقلاب يسميه اصحابه ثورة ٢١ سبتمبر كما يسمون أنفسهم أنصار الله كأن الله في حاجة الى أنصار وهو رب العالمين وكلنا عبيده.

في مصر جرى اخراج شباب الانتفاضة وشعاراتها من اللعبة بالتواطؤ بين العسكر والاخوان المسلمين برعاية أميركا. وعندما انفرد الاخوان بالسلطة بعد انتخاب محمد مرسي رئيساً، وقع الصدام بين الوطنية المصرية وبين الأممية الاسلامية، وتقدم الجيش لاستعادة السلطة بانقلاب رافق ثورة ٣٠ يونيو. والأولوية في مصر اليوم للاعتبارات الأمنية ومواجهة الارهاب. والحياة السياسية وادوار الاحزاب ليست كما يجب، بحيث تبدو حكومات الرئيس السيسي نسخة من حكومات مبارك.

وأقل ما أكده الرئيس حسن روحاني في الذكرى السادسة والثلاثين للثورة الاسلامية هو ان ايران صارت القوة الاقليمية التي لا حل لأي قضية الا بالتفاهم معها. من لبنان الى اليمن مروراً بسوريا والعراق. وهي تقاتل على أكثر من جبهة دفاعاً عن مشروعها الاقليمي. لكن أوضاعها الاقتصادية ليست مريحة. والجاذبية الاقليمية لقوتها تقتصر على مكون اجتماعي محدد.

ولا شيء يكشف نقاط الضعف في مسار الثورات اكثر من ان يصبح تنظيم ارهابي مثل داعش قوة يعجز التحالف الدولي وخصومه عن القضاء عليها. فالثورات الدينية محكومة بخصائص العودة الى الماضي. ولا قيمة للثورات المدنية ان اكتفت بتغيير السلطة من دون تغيير المجتمع.