Site icon IMLebanon

أي سوريا بعد الأسد؟

«انتهى الأسد». هذا التوصيف الحاسم ليس من أحد الواقفين على ضفة النهر بانتظار «جثة الأسد» وإنما من سياسي عربي لعب ويلعب أدواراً حساسة ودقيقة وأحياناً خطيرة، وقد سبق له أن زار دمشق والتقى الأسد مرات.

يضيف: «السؤال ليس متى وإنما ماذا بعد؟. حتى الآن لا يوجد بديل معروف سواء كان فرداً أو تنظيماً. المطلوب أن لا «تتعرقن« سوريا، وأن لا يرتكب السنّة فيها أخطاء وخطايا الشيعة في العراق، فيعتبرون السلطة ممراً للثأر والانتقام للسنوات الماضية، فتتعدد الكوارث وتتعمق الأحقاد».

بشار الأسد، سيقاتل ويقاوم أي حل حتى اللحظة التي ييأس فيها من النجاة. لقد خسر كل شيء، فلماذا يسأل عن خسائر الآخرين!

ليست الخسائر العسكرية ولا الهزيمة هي التي ستقنع الأسد بأنه انتهى. يجب أن تقول له طهران وموسكو إن الحل يتجاوزك. معنى ذلك أن تضمن كل عاصمة من العاصمتين أقصى ما يمكنها من مصالحها، التي دفعت ثمنها غالياً من المال والرجال، خصوصاً إيران.

سقوط الأسد سيغيّر الكثير من المعادلات، ومن مصلحة الولايات المتحدة الأميركية قبل غيرها الانخراط في ترتيب «البيت السوري»، سواء مباشرة أو بالوكالة. الحرب ضد «داعش» تصبح مفتوحة وبلا حواجز ولا ضوابط. أوروبا، لا يمكنها الصبر على استقرار «داعش» في سوريا. كل العواصم الأوروبية تصبح على «مرمى حجر» من «داعش». هذه العواصم تدرك كم أن الخطاب «الداعشي« مغرٍ للشباب المسلم وحتى غير المسلم عندها. انضمام العدد الكبير منهم الى «داعش» في الحرب يفتح الأبواب أمام كل الاحتمالات.

ما يعني المنطقة هو ارتدادات سقوط الأسد على العراق وعلى الموقف الإيراني ومشروع طهران في إقامة «الهلال الشيعي». في جميع المجالات مستقبل العراق كما يقول السياسي العربي «ليس زاهراً ولا زهرياً. العراق الذي كان قد انتهى أيضاً مثل سوريا. مهما حصل لن يعود العراق دولة مركزية. أقصى الطموحات أن يكون كونفدرالياً. الأكراد إن لم يعلنوا استقلالهم، فإنهم على الأقل يعملون وكأنهم استقلوا، وهم أخذوا حقوقهم من الدولة العراقية، ويأخذون ما استطاعوا منها إضافة الى مكاسبهم. السنّة ممزقون بين رفضهم للشيعة وخوفهم من حكم «داعش». لكن ما العمل عندما تمتزج خسارة السلطة «بالقمع الشيعي وممارسات لم يمارسها حتى صدام بحقهم؟«. «داعش» مزيج متفجر من كل ذلك، إضافة الى مجموعات من ضباط صدام الخبراء المجربين بنار حروب بدأت ضد إيران وامتدت الى الأميركيين والسلطة في بغداد. لا يمكن القضاء على «داعش» بالطائرات، يجب أولاً إقناع السنّة أنهم شركاء في صياغة الدولة ومواقعها، وضمن لامركزية شديدة وحقيقية حتى يمكن الحديث عن استقرار الأنبار وغيرها. أيضاً على الطرف الشيعي الذي أقام دولة وهمية من أبرز ركائزها «الجيش الوهمي»، الذي سُرقت أمواله فكان أن انسحب الباقي من المعارك من دون قتال تاركاً دباباته وأسلحته لداعش، لينضم العديد منهم إليه».

تبقى إيران في قلب كل هذه الحرب، يعترف السياسي العربي الذي زار طهران مرات عديدة، «أنه وآخرين من العراقيين، طالبوا القيادة الإيرانية منذ سنوات بتغيير نهجها في التعامل مع المنطقة وخصوصاً العراق، وأن تنفتح أكثر على القوى الأخرى. لكن لم يجدوا يوماً آذاناً صاغية».

اعتمدت إيران استراتيجية استثمار «الفوضى الخلاقة» في المنطقة. فإذا بها منخرطة في مواجهات على طول «الهلال الشيعي» الذي أرادت أن تقيمه ولو على «بحر من الدماء» في المنطقة لتصبح القوة الإقليمية الأقوى. وهي بلا شك، ستخسر الكثير مع سقوط الأسد حتى ولو حافظت على بعض مصالحها. ذلك أن سوريا القادمة سواء كانت دولة مركزية أو فيدرالية لن تكون معها كما كانت سوريا الأسد.

أخيراً، على من ينتظر أن تتحرك واشنطن لإخراج «الأيدي من النار» أن يعلم أنها لن تفعل. يقول السياسي العربي. «واشنطن كلها ترى أنها قدمت الكثير لدفع المنطقة نحو الديموقراطية والاستقرار فماذا كانت النتيجة؟ لقد خسرت في العراق ثلاثة آلاف مليار دولار و4500 جندي، وطولبت بالخروج، لذلك ستبقى الإدارة الأميركية على موقفها في إدارة ظهرها لكل المطالب وعلى الجميع أن «يقلع شوكه بيديه» حتى إشعار آخر«.