IMLebanon

حين “ينتقم” النظام!

يتمايز مشروع التسوية الرئاسية الذي بدأ يتحول الى مواجهة حادة عن المعارك الرئاسية التي تعاقبت منذ ربع قرن من عمر الطائف بناحية غريبة في شكلها ومحتواها، ليس في الملابسات التي طبعت الترشيح المباغت لزعيم “المردة ” فقط بل في استحضار هواجس ما قبل الطائف وإسقاطها على هذه التسوية. تستأهل هذه الناحية تدقيقا في هذه الردة للطبقة السياسية لا لمنح الساسة، في اي اتجاه او تحالف كانوا، علامة حسن سلوك في اكتشاف علم المقارنات التاريخية وانما لتظهير انعكاس الأثر المخيف للجفاف الديموقراطي الذي ضرب النظام اللبناني منذ امد طويل حتى في الشكليات. لا نذكر ان فورة مقارنات أثرت تأثيرا حقيقيا في دورات انتخاب العهدين الممددين للرئيسين الياس الهراوي وأميل لحود واللذين حكما بقوة الوصاية السورية ولم يكن ثمة نقاش داخلي لوهلة واحدة لدى اسقاط كلمة السر المكشوفة في اختيارهما على يد النظام السوري آنذاك. ومع ان عهد الرئيس ميشال سليمان حل عقب فتنة داخلية دامية في ٧ أيار الشهير فان انتخابه التوافقي لم يتسع ايضا في تلك العجالة لاي مقارنات سابقة. قد تكون الردة الآن الى استحضار تجارب بدأت تغرق في النسيان الغابر من جانب رافضين او مؤيدين لانتخاب سليمان فرنجية امرا جيدا حتى لو اتسمت في نهاية الامر بمغالطات يرجح ان تثبتها الظروف الجديدة والمتغيرة تغييرا شبه جذري في لبنان والمنطقة. ولكننا نتساءل واقعيا، حتى لو امتلك اصحاب الرفض جانبا من الحق واصحاب التأييد جانبا من المشروعية : هل يدرك هؤلاء واولئك ان اصطناع الغيرة على اتفاق الطائف لم يعد يرقع النظام الدستوري الممزق ليس في عراء ترك الفراغ الرئاسي يتمادى ١٨ شهرا فقط بل في انهياره الناجز تماما ؟ يضحكنا التباكي على الطائف او ذرف دموع الحنان والحنو عليه حين يحتاج الامر الى تستير تسوية هبطت بفعل فاعل كأمر واقع قسري، او حين ينوجع المتضررون الذين نالهم منها قصاص ولا اشرس لم يخالوا يوما انهم قد يتذوقون مرارته فيغدو النظام ايضا طريق الهروب من الكابوس. يجري ذلك ومعظمنا يسلس القياد للساسة في الاستهانة تكرارا بذاكرة جماعية يفترض انها لم تنس ممارسات تعطيل النظام وتقويضه. هل سمع احدنا في الاسابيع الاخيرة ملهم من عظماء السياسة ينادي بالاحتكام الى تعويم النظام الديموقراطي الحقيقي ؟ ما دامت الواقعة قد وقعت وتهدد بكل المجهول، لماذا لا تكون سابقة السوابق الان تحديدا في مبارزة انتخابية ديموقراطية طاحنة مفتوحة “لعموم ” المرشحين علها تنقذ ما تبقى على الرمق الاخير من جمهوريتهم الزاهية بهم ؟ ام تراهم هنا وهناك توهموا ان نظاما يحتضر لا يمتلك القدرة على الانتقام ؟