IMLebanon

حين تصبح الأمهات مجرد معامل إنتاج للشهداء!

حين تصبح الأمهات مجرد معامل إنتاج للشهداء!

«إذا أردت أن تتحكم في جاهل عليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني« (ابن رشد)

«أوضاعنا في البيت بعد استشهاد زوجي أصبحت أفضل بكثير مما عليه كانت في حياته!»

واسترسلت الأرملة في شرح كيف أصبحت هي وأسرتها تحت رعاية «مؤسسة الشهيد» وهي المؤسسة المسؤولة في حزب الله عن رعاية شؤون عائلات الشهداء، وهي نسخة عن المؤسسة الأم التي أنشأها الخميني في إيران. فعالية ومهنية هذه المؤسسة ونجاحاتها في مهامها جعلت من العائلات المشمولة برعايتها محط حسد الأسر غير المشمولة!

أما أم الشهيدين فقد صرخت بأعلى صوتها أمام الكاميرات، ودم أحد أبنائها لم يجف بعد، «فداك يا سيد، عندي ولدان آخران جاهزان لافتداء.. حذائك«.

أما عمق المأساة فقد كان الولد الذي استشهد أبوه وأمه والذي ترعاه المؤسسة في إحدى حاضناتها، عندما سألته المعلمة عما يقول لأمه في عيد الأم فأجاب وهو ابن التسعة أعوام «أقول لها بأنني أتمنى أن أستشهد وأذهب للجنة لأكون معها ومع أبي..»

كل هذه المآسي ما هي إلا نتاج عقود من التربية على احتقار الذات واختصار آمال الزوجات والأمهات والأبناء بموت الرجال فداءً لكائن بشري متحصن في مكان ما، يأمر وينهي، يشتم ويهدد، من مخبئه عبر شاشات عملاقة، هادراً مئات البراعم الشابة، مفتخراً بانه مجرد تابع لكائن آخر متحصن بقداسة استخرجها من عالم الاساطير.. كلها في سبيل استعادة أمجاد امبراطورية أخمينية، ساسانية، صفوية تلقفها الولي الفقيه فحول كل ما حوله إلى موت ودمار، فلا يبقى بعدها إلا هو متربعاً على عرش من ملايين الجثث.

ولأجل الولي الفقيه وربما بتوجيه منه، تذكر حسن نصر الله في ظهوره الأخير أن إسرائيل لا تزال موجودة، وأن هذه الإسرائيل بالذات لا تزال هي العدو وهي الغاصب وهي القاتل، مع أنه بالتعاون مع بشار، وبأوامر مباشرة من الولي الفقيه، قتل من الشعب السوري عشرات أضعاف ما سقط منهم في كل الحروب مع إسرائيل، ودمر من سوريا مئات أضعاف ما دمرته إسرائيل، وهجّر من السوريين أضعاف ما هجرت إسرائيل من فلسطين.

لكل ذلك، ليس على نصر الله أن يستغرب إن أصبح اليوم بالنسبة الى ملايين العرب الذين قدسوه في يوم من الأيام، أسوأ بمرات من إسرائيل. ولم يعد أحد على كل الأحوال يعبأ بالتهديدات الدونكيشوتية لمحطة ديمونا النووية، أو المعامل الكيميائية أو المواقع الحساسة في إسرائيل، ولم يعد أحد يهتم بعدد صواريخ نصر الله ومداها، ولا حتى قدراتها التدميرية، فلو كان نصر الله قادراً على تدمير إسرائيل ولم يفعل حتى الآن فهذا يعني حتماً خيانة لكل شهيد سقط في المواجهة مع الكيان الغاصب، ويعني أيضاً خيانة القدس والمقدسات.

لم يعد أحد يعبأ بمفلس عاد ليفتح دفاتره العتيقة بعد أن تأكد للقاصي والداني أن تجارة الولي الفقيه بوهم المواجهة مع إسرائيل ما كانت إلا مقدمة لابتلاع كل شيء ما عدا إسرائيل.

والآن فوق كل ذلك، يأتي نصر الله ليستهين كل أمهات الشهداء من أتباعه ليشبههن بمصانع الإنتاج، أو بماكينات التفقيس في مزرعة دجاج تفرّخ شهداء لإفتداء مشروع الولي الفقيه، واعداً إياهن بالمزيد من الضحايا من الأزواج والأبناء وصولاً إلى الأحفاد، وربما ما بعد الأحفاد، فما زرعه من الأحقاد سيرخي بظلاله الثقيلة القاتلة على العقود القادمة.

() عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل