لم يهدد العدو الاسرائيلي، أو «داعش»، الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري بأن «حسابه بعدين». من قال هذا الكلام، مهدداً ومتوعداً، هو رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد، على هواء «الميادين»!
يقول رعد في معرض رده على سؤال سامي كليب عن البيان الذي أصدره أحمد الحريري رداً عليه: «هلق أحمد الحريري حسابه بعدين، والسبب انه أعلى مستوى من (وزير العدل اللواء) أشرف ريفي».
ما قاله رعد من تهديد علني مباشر لأحمد الحريري، ينطوي على تهديد أخطر لأشرف ريفي، كما لو أنه يقول إن حساب ريفي اليوم أو غداً، أما حساب أحمد الحريري فـ «بعدين»!
ما قاله رعد يعيد للأسف، برم السكين في جروح التهديدات التي أوصلت الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الشهداء، والتي كان «حزب الله» طرفاً في نقلها له، مباشرةً أو عبر وسطاء، كما تبين من إفادات الشهود أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
خطورة الأمر، أن في كلام رعد «هدر دم» يعبر عن نهج «وصاية السلاح» التي تستعيد مراحل «هدر الدم» في زمن «الوصاية السورية». آنذاك كان يتم تصنيف الناس بين «أصدقاء» لسوريا و«أعداء» لها، وكانت تلصق بـ «أعداء سوريا» كل التهم الجاهزة «غب الطلب»، من الخيانة إلى العمالة، تمهيداً للتصفية الجسدية بالاغتيال، أو التصفية السياسية بالنفي خارج البلاد.
اليوم، ومن موقعه القيادي في الحزب الذي يمارس «وصاية السلاح» بديلاً من «الوصاية السورية»، يُعيد رعد نسخ التجربة ذاتها، فيصنف الناس بين «أصدقاء» لمقاومته و»أعداء» لها، ويلصق بمن يعتبره «عدواً» لمقاومته كل التهم، إلى حد تهديده علانيةً بأن «حسابه بعدين»، في حين يدعم بـ «قوة سلاحه» تبرئة «عملاء إسرائيل» لأنه يصنفهم في موقع «الأصدقاء» لمقاومته، كما يدعم صدور الاحكام التخفيفية بحق المجرم ميشال سماحة، الذي ضبط بـ»الجرم المشهود» في محاولة تفجير لبنان بالفتنة، لأن «حزب الله» يصنّفه، بكل بساطة، في خانة «الصديق» لمقاومته وسوريا الأسد!
رب سائل من اللبنانيين : هل ما قاله رعد «زلة لسان»، أم أنه نيات تضمر الشر؟ وما هو الحساب الذي يتوعد به «حزب الله» أحمد الحريري وأشرف ريفي؟ وهل بات رعد «ساعي بريد» لإيصال رسائل التهديد والوعيد؟
احتراماً لعقول اللبنانيين يجب أن يجيب «حزب الله»، لأن الكلام التهديدي لم يصدر عن رئيس منظمة «الصليب الأحمر»، أو عن رئيس كتلة نواب «المجتمع المدني»، بل صدر عن رئيس كتلة نواب الحزب الذي يتقن فن الاغتيالات، والغارق في أبشع مجزرة ترتكب بحق الشعب السوري، والمتهمة عناصره باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبمحاولة اغتيال الوزير بطرس حرب، والمحاكم أحد عناصره بعملية اغتيال الضابط الطيار في الجيش اللبناني سامر حنا عمداً.
«حزب الله» بالتحديد، معني أكثر من غيره بتوضيح ما قاله رعد، وما هو المقصود منه، إلا إذا كانت قيادة «حزب الله» تعتبر أن تهديد رئيس كتلة نوابها لأمين عام «تيار المستقبل» من شأنه أن «يخفف الاحتقان»، وترى أنها حين تحاسب أحمد الحريري «بعدين» إنما هي تصفي حساباتها مع المملكة العربية السعودية ومحور «عاصفة الحزم»، وتعتقد أنها حين تنفذ تهديدها، لا سمح الله، تكون في أوج إحباط المؤامرة على «سوريا الأسد»، وفي عز مقاومة العدو الاسرائيلي، وربما في الطريق إلى استعادة فلسطين المحتلة!
ليس خافياً على أحد أن قيام أشخاص من طينة محمد رعد، بتهديد أشخاص من وزن أحمد الحريري وأشرف ريفي، ليس وجهة نظر أبداً، ولا يمكن أن يكون كذلك، في زمن يحاول «حزب الله» جاهداً تحويل الارهاب والقتل إلى وجهة نظر، والعمالة لإسرائيل إلى وجهة نظر.
لم يعد جائزاً أن يتعاطى «حزب الله» مع اللبنانيين كما لو أنه ربهم الأعلى. يهدد بمحاسبة الناس قبل يوم الحساب. يقاتل «استباقياً» لأنه يدعي أنه أدرى بـ»علم الغيب». يمتهن القتل لأن القتل من «فعل القديسين»، كما هي الحال مع «تقديس» عناصره المتهمين باغتيال رفيق الحريري، و»تمجيد» أيام القتل في أحداث «7 أيار»، و»تأليه» الواجب الجهادي بقتل الشعب السوري!
المؤكد أن كل الأسماء تليق بهذا الحزب، إلا لفظ الجلالة، لأنه يبقى أكبر من أن يحتكره حزب ليرتكب أبشع الجرائم باسمه!
() منسق عام الإعلام في «تيار المستقبل»