IMLebanon

زوبعة» الحريري حافلة بالاخطاء والارتكابات

عندما عاد سعد الحريري الى لبنان عشية احتفال «البيال» كانت كل التوقعات تشير الى حدث ما او تحول سيغير في الواقع السياسي الراهن المتأزم فاستبشر بعضهم حلولاً سحرية حريرية للملف الرئاسي العالق منذ 21 شهراً إما بسحب ترشيح سليمان فرنجية وإما بتفاهم مع الرابية يفضي الى حلول للأزمة وينتج رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة، ولكن ما هي الا ساعات على احتفال «البيال» حتى اتضح السيناريو او خريطة الطريق التي يسير عليها الحريري، على حدّ قول مصادر مسيحية، والتي باشرها بهجوم على حزب الله وايران وبمزحة سمجة لحليفه المسيحي في معراب يصعب ان يبلعها الحكيم مهما كابر ولو زاره سعد الحريري عشرات المرات، ليتبع ذلك بحركة داخلية متوترة تجاه الاخصام في السياسة وبرسائل تصعيدية تجاه فريق 8 آذار الذي كان سبق ان رشح احد قيادييها للانتخابات الرئاسية وقد تخطى التصعيد وتجاوز كل السقوف وكاد ينذر بسقوط الحكومة لولا توافر الارداة الجامعة التي استحدثت اخراجاً للأزمة التي افتعلتها السعودية مع لبنان في جلسة مجلس الوزراء.

هذا التصعيد وفق اوساط سياسية في 8 آذار كان متوقعاً من الحريري لعدة اعتبارات تتصل بوضعه السياسي وبأزمته المالية وعلاقته بالسعودية، فالحريري تلمس مؤخراً ان شعبيته تراجعت كثيراً على الساحة السنية وان قيادات سنية اخرى من تيار المستقبل باتت تنافسه في مناطق محددة ذات الامتداد السني فكان لا بد من العودة لتأنيبها واخراجها من المعادلة بطريقة الحشر السياسي وهذا ما صح على الوزير السابق اشرف ريفي بعد هجوم الحريري عليه قبل العودة ونزع الصفة التمثيلية عنه، والحريري الذي يعاني من ضائقة مالية في مؤسسة «سعودي اوجيه» عاجز عن خوض الانتخابات البلدية التي باتت على مشارف قوسين بسبب عدم دفع المستحقات المالية لموظفيه ولأن الانتخابات تحتاج الى المال الذي تعود الحريري استعماله في الاستحقاقات، وبالتالي فان الحريري وجد ان ارضاء السعودية بات حاجة ملحة بعد الاجراء السعودي بسحب الهبة المالية للجيش وقوى الامن التي حاول الحريري استغلالها لمصلحته وتسييلها لكسب رضى الديوان الملكي واستجدائه اعادة الهبة، وبالتالي فتح خطوط سياسية بين الحكومة والرياض كانت متوقفة لتعويم نفسه مجددا ووضعيته السياسية، خصوصاً ان السعودية تشعر بالوهن والخسارة وتراجع وضعها في المناطق الساخنة في اليمن وسوريا وهي كادت تخسر لبنان فكان لا بد من العودة بقوة بعد ان كانت سلمت امرها لمرشح من فريق 8 آذار .

وترى الاوساط ان الحريري الذي باشر حملة لاعادة تعويم وترتيب العلاقة بين لبنان والسعودية تظهره في موقع المخلص والمنقذ للبنان وبانه في حال عودة السعودية عن قرارها بوقف الهبة وعبر الايحاء بان فريق 8 آذار ومن ورائه موقف وزير الخارجية جبران باسيل هو الذي طير الهبة، فيما في الواقع الحقيقي هي مجمدة منذ سنتين، فان الحريري ظهر بانه المعطل الاساسي للرئاسة من خلال تسعير نار الخلافات الداخلية التي كانت راكدة قبل حضوره الى لبنان ومحكومة بسقف طاولة الحوار، وهو الذ ي كان حاول شق صفوف 8 آذار قبل مجيئه عبر ترشيح سليمان فرنجية مسبباً الأزمة المعروفة بين الحليفين في زغرتا والرابية.

صحيح ان دلالات ومؤشرات كثيرة سبقت «أزمة « الهبة العسكرية من السعودية وعكست نية السعودية والحريري بالمواجهة، فموضوع الهبة ليس الإجراء ألأول والأخير بل سبقته محاولات لحشر 8 آذار بتوسيع رقعة «الفيتو» الرئاسي على النائب ميشال عون وقطع طريقه الى قصر بعبدا، وبمحاولة احراج حزب الله بترشيح فرنجية وفي الممارسات على حزب الله بحجب «عربسات» لقناة المنار منذ بضعة اشهر ادراج حزب الله على لائحة الارهاب، واجراءات الصرف لمواطنين شيعة من الامارات، وبخلاصة القول فان الحريري آثر العودة لكن عودته المدوية كانت حافلة بالاخطاء والارتكابات، فليس امراً صحياً استجداء المملكة السعودية للافراج عن المليارات و«شحد» الاموال بهذه الطريقة المذلة كما تقول اوساط 8 آذار، ولعل هذه الاخطاء ستكون مؤثرة ايضاً في الاستحقاق الرئاسي فجلسة 2 آذار لن تنتج رئيساً بالمؤكد تنيجة «الخربطة» الداخلية والزوبعة التي سببها الحريري لتعويم نفسه سياسياً، وان كان الاستحقاق لا يقرره فقط اللاعبون المحليون والعوامل الداخلية كما اتضح وصار عرفاً في الحياة السياسية اللبنانية .