عاد شبح عمليات اسر جنود اسرائيليين، يخيم على صانعي قرار الحروب الاسرائيلية، على الرغم من مرور عشر سنوات على عملية اسر الجنديين الاسرائيليين ألداد ريغف وإيهود غولدفاسر، التي نفذتها مجموعة من نخبة مقاتلي «حزب الله»، عند نقطة الحدود في «خلة وردة» عند الطرف الحدودي لبلدة عيتا الشعب مع فلسطين المحتلة، وهي عملية نوعية ما تزال تحتل حيزا واسعا من «ورشة اخذ العبر»، من الاخفاقات العسكرية التي اصيبت بها قوات الاحتلال الاسرائيلي خلال عدوان تموز، وهي «اخفاقات»، وفق التسمية الاسرائيلية، بدأت منذ اللحظات الاولى لعملية الاسر البطولية.
وفي السياق، ذكر موقع الجيش الاسرائيلي الالكتروني ان المؤسسات العسكرية والامنية لم تتوقف عن تطبيق العبر من التحقيق الذي اُجري على «حادثة الاسر»، وكجزء من ذلك، تم الدمج بين تطبيق الاستنتاجات التي استخلصت من المتغيرات على الحدود الشمالية، ومن التحليل الذي لا يتوقف، وقد تقرّر في تشكيل الجليل (الفرقة 91) إنشاء مشروع لتنظيم منطقة القتال، بدأ في شهر شباط 2015، ويهدف المشروع الى منع «حزب الله» من الاقتراب بشكل مريح إلى داخل الكيان، وفي حالات كثيرة أيضاً تحويل ذلك إلى أمر غير محتمل.
ولفت الى ان المشروع الهندسي هو من المشاريع الكبيرة التي تنفذها قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الاسرائيلي، وقد تم إخفاء أغلبه عن أعين المواطنين (المستوطنين) الذين يتحركون على طول الحدود، بما في ذلك بناء عائق هندسي مؤثر،والتخفيف من الشجيرات واقامة أسوار وتجديدها وبناء جدران دفاعية، وقد تم إنشاء جدران على طول ثلاثة كيلومترات بالقرب من الحدود، وإعداد عشرة كيلومترات من المنحدرات الاصطناعية، التي يختلف ارتفاعها ويتراوح بين ستة إلى تسعة أمتار،وقال ..ان إعادة تنظيم منطقة القتال على الحدود الشمالية بدأ بعد تحليل معمّق للأرض، في أعقابه تم نقل مواقع عسكرية، وأزيلت نباتات من أرض كبيرة، ساعدت كثافتها «حزب الله» حتى الآن على التحرك بحرية فيها، زاعما ..ان الأعمال الهندسية هذه أوجدت أراض مفتوحة تراقب بشكل دائم من خلال أبراج المراقبة في المنطقة، وتشكل منطقة عازلة أمام كل من يحاول التسلل، في أي ظرف جوي .. في الليل والنهار.
وأضاف الموقع أن «حزب الله من حين إلى آخر يطلق حملة دعائية متقنة لتعزيز إنذاره ضد كيان العدو من خلال التأثير على المجتمع الصهيوني، وبث سلسلة وثائقية عن عملية الأسر هي مثال على هذه الحملة، لقد تم التحقيق في عملية الأسر بشكل معمق من قبل الجيش الاسرائيلي واستخلصت عبر كثيرة، منها ما يتعلق بأداء القوات في الميدان وتعزيز عناصر الهجوم والدفاع والوسائل التكنولوجية ومستوى استعداد القوات للتدخل في المنطقة جوا وبرا، ونقل الموقع عن مصادر عسكرية اسرائيلية، تأكيدها، أن «حزب الله» لا يزال يصف إسرائيل بأنها التهديد رقم واحد، لذلك، هو لا يستعد فقط بالقوة البشرية المنتشرة في جنوب لبنان، بالتخطيط العملياتي والتدريبات، بل أيضا يستثمر موارد وتجهيزات استعدادا للحرب المحتملة مع الجيش الإسرائيلي وشن هجوم متكامل على الحدود.
بالمقابل، يتابع الموقع، ان الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال أن يتغير كل شيء اثر وقوع أحداث على الأرض، مشيرا الى ان المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية السياسية جال في الفترة الأخيرة على الحدود اللبنانية، وتلقى تقارير تتضمن اهداف الجيش الاسرائيلي على لبنان وهي بالآلاف، وعن تغيير الخطط العملياتية وتنسيقها مع المتغيرات على الأرض.
ـ «الوعد الصادق» ـ
وللتذكير انه خلال استقباله الاسرى المحررين من السجون الاسرائيلية في عملية التبادل مع جندي اسرائيلي تم اسره في مزارع شبعا، التفت امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، وهو يشير الى صورة التقطت عن العملية التي سبقت عملية «الوعد الصادق» في خلة وردة بسنوات، وقال.. «هذا هو الخيار لتحرير الاسرى من سجون الاحتلال»، وبالفعل، فقد كشفت عملية اسر الجنديين الاسرائيليين في الثاني عشر من تموز عام 2006، ان التهديد كان جديا وحاسما.
يعترف قادة الاحتلال الاسرائيلي، ان «حزب الله» اختار في عمليته اسر الجنديين، نقطة ضعف معقدة وواضحة من الناحية الجغرافية والعسكرية، مكّنت مقاتليه من تنفيذ العملية، بعد اجتياز الاسلاك الحدودية والوصل الى الاليتين العسكرييتن الاسرائيليتين، بعد تدميرهما وانتشال جنديين منهما، وهي منطقة مليئة بالمتعرجات والطرق الملتوية، لم تتمكن خلالها حاميات العدو في موقع الراهب المطل على بلدة عيتا الشعب وفي موقع رامية ايضا، من التدخل لاحباط عملية الاسر، سيما وان الدقة في التخطيط والتنفيذ دلّت على حرفية عالية لدى المجموعة المنفذة.
وكشف فيلم مصور، «أفرج» عنه «حزب الله» قبل ايام، عن بعض المشاهد الخاصة بعملية الاسر، يُظهر بالصوت والصورة الدور البارز للشهيد عماد مغنية في التخطيط للعملية، والاشراف على ادق تفاصيلها، وان المنفذين هم من نخبة المقاتلين الذين خاضوا تجربة طويلة في عمليات المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، قبل تحرير الجنوب في ايار العام 2000، وفي مقدمهم خالد بزي الذي استشهد في مواجهات بنت جبيل عام 2006، وان مسرحا للعملية تم اعداده، شبيها جغرافيا بـ «خلة وردة» مكان الانقضاض على الدورية الاسرائيلية، للتدريب على كامل التفاصيل، بعد دوريات استطلاع وعمليات رصد ومراقبة غالبا ما كانت تتم بتمويه متقن، لخط سلوك الدوريات الاسرائيلية المؤللة والراجلة التي تسجل على خط الحدود، وعمليات التبديل التي تخضع لها ومواقيتها، وبخاصة الطريق المؤدية الى مستوطنة زرعيت والتي تمر بمنطقة «خلة وردة»، فتم تجنب اختيار الدبابات وناقلات الجند، لصعوبة التعامل مع طاقمها بعد تدميرها، بل وقع الاختيار على دورية مؤلفة من سيارتي «هامر»، لرفع نسبة اسر جنود احياء.
وكان امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، كشف ان المقاومين رصدوا مكان العملية على مدى ثلاثة أشهر، سبقت موعد التنفيذ، فيما ذكرت تقارير تناولت عملية الاسر، ان مقاتلي حزب الله كان بامكانهم تنفيذ عمليات اسر سريعة وسهلة تطال مدنيين اسرائيليين، لكنهم لم يكونوا في هذا الوارد.. وتكمن المقاومون من اجتياز حقول الالغام القائمة عند الخط القريب لاسلاك الحدود، بعد ان قصوا الشريط الشائك، اضافة الى تخطي اجهزة مراقبة موضوعة على جانبي الطريق، مجهزة لالتقاط حرارة الجسد،، اطلاق نار كثيف، ودخان يتصاعد من احدى الاليتين، المقاومون يتقدمون الى الامام، الالية الثانية تحترق، وما هي الا لحظات، بعد انسحاب المجموعة الى الداخل اللبناني، وصلت الى المكان قوة اسرائيلية مدرعة، بينها دبابات من نوع «ميركافا» وناقلات جند، وقعت في كمائن المقاومة. دقائق معدودات.. ويصل قائد عملية الاسر الشهيد خالد بزي الى مدينة بنت جبيل، يومها وصل الى السيد نصرالله همس… «الامانة صارت عندك».