IMLebanon

ليلة بيضاء في انتظار دخان «النووي» الأبيض

ليلة بيضاء في لوزان أمضَتها مجموعة الوفود المفاوضة في ملف إيران النووي، بعد يوم طويل من المحادثات بدأ عند السابعة صباحاً «ويستمرّ طالما احتاجَ الأمر»، على ما أكّدت مصادر الوفدَين الأميركي والإيراني لـ»الجمهورية».

تَكثّفَت المحادثات استثنائياً أمس، أملاً في التوصّل إلى توافق سياسي مبدئي، في ظلّ انخفاض التوقّعات بالتوصّل إلى ما هو أكثر من ذلك. وأشارت المصادر إلى أنّ التوافق العام لن يكون مكتوباً، أو قد يقتصر على بيان يختم هذه الجولة الطويلة التي اعتُبِرت أولويةً قصوى لدى خارجيات الدوَل المشاركة في هذه المفاوضات بعدما سرّبت جداول أعمال وزراء الخارجية التي كانت مقرّرة خلال الأيام الفائتة.

خلال يوم أمس التاريخي في فندق «بوريفاج» الشهير، في اعتباره مضيفاً لمعاهدة لوزان التاريخية، (يطلق عليها ايضاً اسم معاهدة أوشي) التي أنهت الإمبراطورية العثمانية إبّان الحرب العالمية الأولى، احتلّ المتفاوضون جلّ قاعات الاجتماعات، وتمدّدوا ليحرموا الصحافيين مساحةً كانت مخصّصة لهم داخل الفندق، فأغلقت قاعات جديدة وحوصِر الصحافيون في بهوٍ واسع ضاقَ بأعدادهم الكبيرة.

فانعقَدت اجتماعات للمجموعة السداسية وإيران، وأخرى ثنائية أو ثلاثية، ومع عودة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى لوزان بعد ظهر أمس توقّعَ الصحافيون انفراجاً جديداً في أجواء المفاوضات، خصوصاً أنّه وَعد بالعودة «في حال استدعى الأمر حضورَه»، إشارةٌ تلقّفَها الصحافيون الراغبون باستراحة على أنّها الخلاص، لكنّ الإعلان عن احتمال تمديد المفاوضات يوماً إضافياً، وتكثيف الجلسات حتى ساعة متأخّرة من ليل أمس أعاد حال الإرهاق الى ذروتها عند كلّ الحاضرين.

وأمام جَدلية بنود الاتّفاق المنتظر وغياب التصريحات التي تشفي الغليل لدى رؤساء الوفود ومساعديهم، ذهبَ المحللون الى ربط الخيوط لاستنتاج ما قد يأتي به الاتفاق في حال التوصّل إليه، وبذلك تصَدّرَ بندُ رفعِ العقوبات عن إيران لائحة البنود، وهي مسألة ثابَر المتفاوضون على تقليبها على كلّ الوجوه خلال هذا الأسبوع، وعمدت الدوَل الغربية الى تقديم إغراءات مادية كبيرة لإيران واعدةً بفَكّ الحصار عن مبالغ ضخمة محتجَزة في الولايات المتحدة وأوروبا مقابل الموافقة على تأجيل رفع العقوبات الأممية، هذه المسألة رفضَتها إيران نهائياً.

وقال مصدر أوروبي مواكب لمفاوضات لوزان لـ»الجمهورية» إنّ «الولايات المتحدة ومعها الدوَل الغربية لا يريدون رفعَ العقوبات بنحوٍ كامل وفورَ توقيع الاتفاق، بل يعرضون تعليقاً للعقوبات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي يَسمح لهم بالعودة الى فرضِها من جديد إذا وَجَدوا أنّ إيران لا تفي بالتزاماتها وتعهّداتها».

وبذلك يكون المطلوب بالنسبة الى الدوَل الغربية التأكّد من أنّ إيران لن تقدم على إنتاج سلاح نووي، وعليه فإنّ إبقاءَ العقوبات بنحوٍ أو آخر أو حتى على جزء منها ضمانٌ للغرب تجاه إيران.

وتتمحوَر الخلافات بالنسبة الى وجهة النظر الايرانية حول ثلاث مسائل: الأولى رفعُ العقوبات، فإيران لا يمكن أن توقّع اتّفاقاً لا يشمل رفعاً كاملاً للعقوبات الدولية، وبقاء العقوبات يَعني بقاءَ الضغط الغربي على إيران. والمسألة الثانية متعلقة بالأبحاث والتطوير، فالغرب يريد أن توقِف إيران كلّ أبحاثها خلال فترة تُراوِح بين 10 و25 عاماً، ما يعني نهاية البرنامج النووي وإحالته الى التَلف رويداً رويداً، لأنّ أيّ برنامج نوَوي يجب تحديثه في استمرار تماشياً مع التطوّر الطبيعي.

وأمّا المسألة الثالثة فتتعلق بالجهة التي ستراقب تطبيقَ الاتفاق في حال حصلَ خرقٌ مِن أيّ جهة من الجهات المعنية، وهذه النقطة استجدّ طرحُها في الأيام القليلة الماضية بعد أن بُحِثت بنحو مختلف في السابق اقتصر على مدّة التراجع عن الاتّفاق في حال أراد أحد الأطراف الانقلابَ على الصفقة.

18 شهراً من العمل المتواصل بدأت في مسقط وتنتهي في لوزان جعَلت عيونَ العالم، ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً، تشخَص نحو نهاية يؤمل في أن تنعكس – في حال التوصّل إلى اتّفاق – حلحلةً لأزمات رئيسية في المنطقة.