IMLebanon

من يتحمّل مسؤوليّة الأمطار القاتلة؟!

صور وافلام، وتحقيقات، وتلوّع وتحسّر على لبنان الاخضر، الذي غمرته امطار النفايات السامّة، واتهامات وتحميل مسؤوليات، و«شيل منك وحطّ فيي»، هذه هي حصيلة الكارثة البيئية، التي كان يفترض انها لن تفاجىء احداً، على اعتبار ان كثيرين حذّروا ونبّهوا، وكنت واحداً منهم، الى ان ازالة النفايات من الشوارع والازقة وامام البيوت والمدارس والمستشفيات، هي واجب وطني وانساني، ويجب الا تدخل في البازار السياسي والمذهبي، وان لا تكون وسيلة ابتزاز من هذا التيار او هذا المسؤول، لأن المهمّ، كان ولا يزال، ابعاد الاوبئة والامراض عن المواطنين، وخصوصاً منهم الاطفال والاولاد والمسنّين، والمرضى، لكن الحقد مع الأسف، كان اقوى من العقل ومن المواطنة، وتغلبت الغوغائية على ما عداها، ومعظم الذين يبكون لبنان اليوم هم اشبه بالذين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته.

* * *

على جميع اللبنانيين، ان يدركوا بوضوح الآن، بعيداً من الغشاوة الحزبية او المذهبية على عيونهم، ان هذه الحكومة المعوقة، التي ركّبت فسيفسائياً لم يكن يفترض بها ان تحل مشكلة كبيرة عمرها عقود، بل كما قيل، انها أتت لمهمة محددة تنتهي في اشهر قليلة ويذهب وزراؤها الى بيوتهم بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ورفضت القوى المتحكّمة بمفاصل الدولة، طرح حزب القوات اللبنانية بتشكيل حكومة تكنوقراط تهتم تحديداً بقضايا الناس ومشاكلهم، بانتظار انتخاب رئيس، وتوقع الحزب ان تصل الامور الى ما وصلت اليه، بوجود حكومة لا تعمل مجتمعة، بل «صولو» وكل وزير يشدّ بها الى ناحية، وتبيّن بالممارسة ان هذه الحكومة غير قادرة على انتاج الحلول، بقدر قدرتها على انتاج المشاكل، ومع ذلك وللأمانة، حاول وزير البيئة محمد المشنوق عبثاً دفع مجلس الوزراء الى تحمّل مسؤولياته السياسية بعدما تعذر عليه ايجاد الحلول لازمة النفايات، بسبب نشاط المصالح الخاصة، والمزايدات، والعراقيل المتعمّدة، وتغيير المواقف المستمر، خصوصاً انه ليس وحده المسؤول، فمجلس الوزراء شكّل لجنة لمعالجة المشكلة وتم تفشيلها، وسيتم تفشيل وزير الزراعة اكرم شهيب، كرئيس بديل للجنة، لأنه لو كان هناك نية حسنة ورغبة مخلصة بوجوب التخلّص من النفايات لما كنا وصلنا امس الى هذا اليوم الاسود في تاريخ لبنان.

كان واضحاً منذ البداية، ان افتعال ازمة النفايات، ان كان بالتظاهرات في الوسط التجاري، او في المناطق، مثل الناعمة، وعكار، والبقاع، ورفض جميع الحلول التي وضعها خبراء بيئيون لبنانيون واجانب، يهدفان الى اقامة شرخ بين تيار المستقبل وجمهوره، وقد نجحوا بذلك، ولكن الثمن يدفعه اليوم جميع اللبنانيين، وسيدفعون اكثر اذا استمرت مواقف الرفض الغوغائي، واجبرت رئيس الحكومة تمام سلام، على الاستقالة او الاعتكاف، عندها يتجاوز شلل الدولة الخطوط الحمر، ويدخل لبنان دائرة الخطر المميت.