الخيارات تضيق أمام رئيس الحكومة المحاصر بالتعطيل والشغب في الشارع
مَنْ المستفيد من أخذ البلد إلى الفوضى؟ ومن يوقف التسيّب الأمني؟
لمصلحة من أخذ الأمور في البلد إلى مزيد من التوتير والفوضى، وهل ما جرى ويجري في وسط بيروت مقدمة لما هو أخطر وأدهى بعد التشويه الممنهج لحركة المتظاهرين، من خلال ما حصل من اعتداءات على القوى الأمنية والأملاك العامة والخاصة؟ وهل أن القوى التي لجأت إلى الاستغلال السياسي لما جرى مصممة على دفع البلد إلى حافة الهاوية والضغط على الحكومة لتستقيل، مع ما لذلك من مخاطر كبيرة على الاستقرار العام والسلم الأهلي؟
فإذا كان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام قد أشار في أكثر من مناسبة إلى أن صبره طويل، إلا أن استمرار وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» في انتهاج أسلوب التعطيل، كما حصل في جلسة الحكومة أول أمس، مع إمكانية تغييبهم عن جلسة اليوم، لن يجعل رئيس الحكومة يبقى مكتوف الأيدي، وإنما سيتخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب، كما تقول أوساط وزارية لـ«اللواء»، لأن التعطيل تحول أسلوب عمل لدى هذا الفريق الذي يتذرع بحجج واهية لشل مجلس الوزراء، بعد الفراغ الرئاسي والمجلسي، على حساب مصالح اللبنانيين ومؤسسات الدولة، لافتة إلى أن هناك علامات استفهام كبيرة ترسم حول ما يحصل في وسط بيروت، بعد انكشاف وجود قوى سياسية مرتبطة بـ«8 آذار» تقف وراء الأحداث التي حصلت، في إطار الضغوطات التي يقوم بها هذا الفريق على الحكومة ورئيسها، في ظل حديث عن أن النائب ميشال عون يحضّر شارعه للمشاركة في التظاهرات وقد ينضم إليه مناصرو «حزب الله»، «رفضاً لسياسية التهميش والإقصاء» وهذا ما سيضع الرئيس سلام في وضع لا يُحسد عليه مطلقاً.
ورغم الاتصالات التي يتولاها وزير المالية علي حسن خليل لإيجاد مخرج لأزمة «المراسيم الـ70»، إلا أن المعطيات لا توحي بانفراج قريب، بحيث أن جلسة الحكومة اليوم قد تعقد بغياب وزراء «التغيير والإصلاح» وربما يتضامن معهم وزيرا «حزب الله»، خاصة إذا كانت نوايا النائب عون تصعيدية، فهذا يعني أن الأمور قد وصلت إلى الحائط المسدود، وبالتالي لا يستبعد أن يضطر الرئيس سلام إلى اللجوء إلى القرار الذي تردد كثيراً في اتخاذه حرصاً على مصلحة البلد والناس، بالرغم من الدعوات الداخلية والخارجية التي تتمنى عليه عدم تقديم استقالته، كونها خطوة في المجهول وسترتب على لبنان تداعيات لا يمكن تلافيها بعد سقوط المؤسسات الدستورية واحدة تلو الأخرى وهذا ما لم يشهد لبنان مثيلاً له في تاريخه.
والسؤال الذي يطرح هنا، هل يمكن الخروج من هذا المأزق بعد الذي حصل؟
الأوساط الوزارية تعتبر أن الجواب عند النائب عون و«حزب الله»، فإما أن يعودا إلى السرب الحكومي ليستقيم عمل مجلس الوزراء ويستعيد دوره مجدداً دون تعطيل ومشكلات، وإما أن يغردا خارجه وعندها تتضح الأمور بشكلٍ جلي ويعرف اللبنانيون حقيقة ما يجري ومن هي الجهات المسؤولة عن وصول الوضع إلى ما وصل إليه، الأمر الذي سيضع الرئيس سلام أمام الخيار الصعب، بعدما سدت كل المنافذ حوله ولم يبق أمامه إلا الاستقالة التي لطالما تجنبها، لكن إصرار الفريق الآخر على سياسة التعطيل والمماحكة، لا بد من مواجهته باتخاذ الموقف المناسب وإن كان صعباً وفي ظروف لا يُحسد عليها الرئيس سلام أبداً.