Site icon IMLebanon

مَن المستفيد من الإنجازات الأمنية: «حزب الله» أم «الحريرية السياسية»؟

تفكيك الخلايا الإرهابية غير مرتبط بالحوار.. وشبكة الأمان الداخلية لا تشمل «حرب الحدود»

مَن المستفيد من الإنجازات الأمنية: «حزب الله» أم «الحريرية السياسية»؟

«تدخّل نصر الله في البحرين رسالة إيرانية باعتباره جزءاً من المشروع الإقليمي»

نجاح العملية الأمنية في سجن روميه التي نفذتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والتي هدفت إلى ضرب ما أُصطلح على تسميته «غرفة عمليات التنظيمات الإسلامية المتطرّفة» بعدما عملت على بناء شبكة اتصالات واسعة، من داخل السجن، بمجموعاتها خارجه وتحريكها على الأرض، تشكل ضربة جديدة  لتلك التنظيمات من خلال تفكيك الخلايا والبُنية العملاتية لها في البلاد، وفق قناعة مسؤولين أمنيين، ذهبوا إلى حد اعتبار أن عمليات التفجير السابقة التي شهدتها البلاد كانت تدار من داخل السجن، لا بل إن جانباً كبيراً من التأثير على عملية التفاوض في شأن العسكريين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية» ومصيرهم كانت تُقرر من داخل زنزانات هؤلاء.

لكن نجاح العملية، معطوفاً على حسم المعركة في طرابلس في وجه المجموعات الأصولية التي تنامت وتغذت بفعل تداعيات النزاع في سوريا والعراق وتنامي قدرة التنظيمات المتطرفة فيها على وقع الصراع السني – الشيعي الدائر في المنطقة، يطرح تحدياً جدّياً أمام  الحكومة، ولا سيما أمام الفريق السني المتمثل بـ «الحريرية السياسية». فهذا الفريق شكّل الغطاء السياسي لضرب الظواهر الأصولية المسلحة التي نشأت في البلاد، مستفيدة من حال الإحباط والغبن والتهميش التي عاشها الشارع السني نتيجة الحالة الميليشياوية الشيعية التي يتقدمها «حزب الله» والتي أمسكت بمفاصل البلاد. وفيما يتم إضعاف تلك الجماعات وضربها، يزداد في المقابل غلوّ التنظيمات الشيعية المسلحة، ويُمعن «حزب الله» في توغله في النزاعات داخل الحدود وخارجها، الأمر الذي يؤول إلى التساؤل عن  الجهة المستفيدة من تلك الإنجازات الأمنية ما دام هذا الفريق يُدرك أن ما يجري على الساحة اللبنانية هو شكل من أشكال نتائج انغماس الحزب في حروب المنطقة بما يشكله من ذراع إيرانية وتداعيات انخراطه فيها كجزء من مشروعها الإقليمي. كما يدفع إلى التساؤل عما سيكون عليه موقف  «الحريرية السياسية» حين يتعلق الأمر بتفكيك الأذرع الميليشياوية  التابعة لحزب الله تحت مسمى «سرايا المقاومة»، والتي تتمركز في الأحياء والشوارع في المناطق السنية بديلاً؟ وهو ملف مطروح على طاولة الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»  كعنوان من العناوين الأمنية.

يدرك قياديون في «تيار المستقبل» أن مقاربة هذا الموضوع تجاه شريحة واسعة من اللبنانيين، وخاصة تجاه الشارع السني، تشوبه بعض الإشكاليات انطلاقاً من الشعور العام بفوقية تعاطي «حزب الله» داخلياً، مستنداً إلى قوته العسكرية. لكنهم في المقابل ينطلقون من نظرة مختلفة قوامها أن الموقف المتعلق بمكافحة الإرهاب وتفكيك خلايا التنظيمات الأصولية والحسم  الأمني في طرابلس هو قرار لا علاقة له بالحوار بين الحزب والتيار، ولا يندرج فيما قد يتراءى للبعض على أنه تقديم خدمات أمنية للحزب، ذلك أن تلك التنظيمات هي الحليف الطبيعي لـ «حزب الله»، وهو يتغذى منها حين يشعر بالحاجة إلى شدّ العصب في بيئته، ويستفيد منها عبر زعزعة البيئة السنية وإضعافها وضرب الاستقرار الأمني والاقتصادي فيها. وإذا كان من إنجاز يُمكن أن يُبنى عليه وطنياً وسنياً، فهو يتمثل بالنجاح في سحب السلاح الذي كان الحزب يحارب به أو يستفيد منه في المناطق الخارجة عن سيطرته الجغرافية، وهو نجاح لا بد من أن يتعزز في مواجهة تلك التنظيمات الأصولية التي تُعطي، بأعمالها الإرهابية، صك براءة لإرهاب الحزب داخل الحدود وخارجه.

فالحوار، في رأي «فريق المستقبل»، يهدف إلى إضفاء مناخات من التهدئة الداخلية بانتظار تبلور التطورات الإقليمية، إذ لا أوهام لدى أي من الأفرقاء اللبنانيين بأن الملفات العالقة، وفي مقدمها سلاح حزب الله ومشاركته في الحرب السورية أو تدخلاته في شؤون دول أخرى، هي مسائل يمكن حلها على طاولة حوار لبنانية بقدر ما هي مرتبطة بملف المواجهة مع إيران، سواء على مستوى المواجهة العربية – الإيرانية أو الدولية – الإيرانية وما يمكن أن يرشح عنها. وهو تالياً يُدرج تدخل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخير في الشأن البحريني، ناصراً المعارضة في البحرين من زاوية انتمائها المذهبي، على أنها رسالة إيرانية وباعتباره جزءاً من المشروع الإيراني في المنطقة.

على أن الحرص على خلق شبكة أمان داخلية إزاء التحديات الناجمة عن التنظيمات المتطرفة التي يمكن أن تضرب مجدداً في مناطق لبنانية لا يعني، وفق القياديين في «تيار المستقبل»، أن  «الحريرية السياسية» ومن يُمثلها في الحكومة، يمكن أن تتحالف مع «حزب الله» أو تشكل غطاءً سياسياً له في أي «حرب حدودية» مع سوريا، يستدرج فيها تلك التنظيمات أو تستدرجه إليها، ذلك أن الموقف حيال هكذا تطور لا يمكن إلا أن يكون وراء المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية فقط وما تتطلبه من دعم في مواجهات التحديات التي قد تفرض عليها لحماية لبنان، وفي إطار تعزيز سلطة الدولة ليس إلا!