IMLebanon

مَن ينقر الدفّ في اليمن.. وهل يتفرّق العشّاق؟ وماذا عن القمّة الكويتيّة – السعوديّة؟

المؤشرات الخليجيّة غير مستقرّة، أعطى مجلس التعاون ما عنده من حراك ديبلوماسي، لكنّ مجلس الأمن لم يكن على مستوى الآمال والتوقعات. طلب من الحوثيّين إخلاء المباني الرسميّة، لكنه أهمل الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوّة، وردّ هؤلاء بتحدّ أكبر «باقون حيث نحن… والى المزيد».

طرح الصوت على جامعة الدول العربيّة، فاستجمعت قواها، وقرّرت الاجتماع، لكن ليس هناك من جدول أعمال محدد، وهناك توجّه للعودة ثانية الى مجلس الأمن بهدف استصدار قرار جديد تحت الفصل السابع، إلّا أنّ الضمانات الدولية المطلوبة لا تزال غير متوافرة.

أدرك أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصبّاح الأهوال المترتبة، حمل خبرته وحكمته الى الرياض للبحث بهدوء في ما يمكن عمله. بوّابات اليمن أكثر من أن تعدّ وتحصى، وكلّها مشرّعة أمام أنواء وعواصف ضاربة، ومفتوحة على صولات وجولات، وغزوات وانقلابات، من بوّابة صنعاء، الى مأرب، الى عدن، الى باب المندب، الشمال والجنوب.

الحوثيّون و«القاعدة»، العشائر والقبائل، أمواج من الأحقاد، ومدّ مُتماد من الدم والثأر، والخناجر الملطّخة. إستشعر «حكيم الخليج» المشهد القاني بفظاعاته وارتداداته، وحمل جعبة الهموم والتحديات الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لعلّ وعسى.

ماذا في الجعبة؟

روسيا خرجت عن الإجماع، كانت صادقة مع نفسها، وتحالفاتها، وموقعها في «المحور المقاوم» الممتد من إيران الى العراق، فسوريا ولبنان وصولاً الى عبد الملك الحوثي في صنعاء. موقفها واضح «لا لاستخدام القوّة».

الولايات المتحدة تراوغ، طائراتها تلاحق – عند الضرورة – مواكب «القاعدة»، فيما تغضّ الطرف عن الحراك الحوثي. المجتمع الدولي أعطى ما عنده في مجلس الأمن، طائراته المقاتلة جاهزة «لخرق جدار الصوت» فوق تجمعات «داعش» في العراق، و«الشام»، ولكنّها غير جاهزة، وغير مكلّفة لغاية الآن باختراق أجواء الحوثيّين في اليمن. أمّا طائرات دول مجلس التعاون، فلا تزال لغاية الآن، غير مستعدة للإقدام على مغامرات غير مدروسة، وغير منسّقة جيّداً مع الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي.

في صنعاء يتعاظم نفوذ إيراني كبير لا يمكن اختراقه، خصوصاً في هذا الظرف تحديداً الذي تضع فيه واشنطن لمساتها التجميليّة الأخيرة على مضمون الإتفاق النووي، وغير النووي، مع طهران. التعويل على مصر، ونخوتها في غير مكانه، صحيح أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي هَددّ يوماً بالتحرّك إذا ما بلغت الفوضى المسلّحة باب المندب النفطي، لكنّ زمان عبد الناصر قد ولّى، والجيش المصري أمام مهمات متعددة.

إنه يلاحق «الاخوان المسلمين» في سيناء، ويُغير على تنظيم «داعش» في ليبيا، شعبه يذبح أمام الكاميرا، والتحديات متلاطمة، الجوار السوداني ليس بألف خير، وإذا كانت هناك من مهمات عسكريّة جديدة لطائرات «رافال» الحديثة، فلن يكون شطرها اليمن، بل ليبيا، و»عاصفة الصحراء» الجديدة التي يحضّر لها الإتحاد الأوروبي لإبعاد شبح الإرهاب عن مرامي شواطئه.

توغّلت القمّة الكويتيّة – السعوديّة بعيداً، فالتحدّي جاثم على الأبواب، كان على الطاولة أكثر من مقترح. المواجهة لا بدّ منها، إذا ما فرضت، وأقفلت كل الأبواب أمام الحلول والمخارج السياسيّة والديبلوماسيّة، لكن لا بدّ أولاً من تحصين البيت الخليجي، لا بدّ من قمّة تعقد على مستوى قادة دول مجلس التعاون. حتى الآن لا تزال مسقط بعيدة عن المشهد، مغيّبة، أو هي آثرت الحياد.

لا بدّ من إعادة النظر بمجريات الأمور، فالحسابات الخاطئة تؤدي الى نتائج خاطئة، والدليل أنّ الحراك الحوثي عندما بدأ في شمال اليمن قبل سنوات، كان هناك مَن يغدق عليه من المال الخليجي الوفير.

الآن كَبر التحدّي، وكبرت معه المخاوف، المجتمع الدولي يدفع بالوضع نحو الهاوية، والبركان اليمني لا يمكن معالجته بمزيد من عرض العضلات، لأنّه يغلي كالمرجل، وانفجاره سيكون عظيماً، وستطاول شظاياه كلّ دول مجلس التعاون بلا استثناء.

إنتهت القمّة بتوصيتين: إستنفار عام على كل المستويات، ولكلّ الإمكانات، لمواكبة المستجدات. ثم مزيد من التهدئة، والتعقّل، وطول الأناة، وتفعيل القنوات الديبلوماسيّة باتجاه الجوار الإيراني، والسعي الى تغيير النظرة تجاه بعض المواقف السابقة.

فالمتغيرات متسارعة، والتفاهم الأميركي – الإيراني على الأبواب، والمبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا ينادي بالرئيس بشار الأسد شريكاً في أيّ تسوية، ولم يعد هناك من ثوابت في الزمن «الداعشيّ»، بل انّ رياح المتغيرات تحاصر الخليج من كلّ حدب وصوب، ولا بدّ من دور يضطلع به حكماء المملكة لإعادة النظر في الكثير من المواقف والحسابات السابقة. ما يجري ليس بغمامة صيف عابرة… إنها غيوم داكنة تسكنها العواصف.