IMLebanon

مَن يُقنع مَن بملف النازحين: لبنان أم الدول الغربية؟

سعي محلي إلى إعطاء دور أكبر للأمن العام

مَن يُقنع مَن بملف النازحين: لبنان أم الدول الغربية؟

تمحورت معظم الزيارات الديبلوماسية للبنان، منذ انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حول ملف النازحين السوريين.

ألقى وزراء خارجية أو نوابهم وآخرهم مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط آن باترسون، كل على طريقته، بأسئلته و «مطالبه» للضغط على حكومة لبنان من أجل إعطاء النازحين السوريين إقامات وإجازات عمل تمهيدا لحصولهم «على حياة كريمة في البلد» في انتظار تسوية سياسية غير متاحة حاليا، من شأنها أن تعيدهم إلى بلادهم مستقبلا!

لكن وبما أن عدد النازحين المسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين، هو حوالي مليون و200 الف لاجئ سوري في ظل كلام حول وجود مليون ونصف مليون نازح تقريبا، فإن لبنان يحاول أن يلقي بثقله من أجل التوصل إلى حلّ مستدام يقضي بعودتهم الآمنة إلى بلادهم.

وفي هذا السياق، تكشف أوساط وزارة الخارجية اللبنانية لـ «السفير» أنها نجحت بإقناع الأطراف الغربية بأن حل مشكلة النازحين السوريين يقوم على عودتهم الآمنة إلى بلدهم، بعدما كان معظم وزراء خارجية الدول الغربية يتحدثون عن عودة طوعية للنازحين، لافتة الانتباه إلى أن هذا يعد تطوراً إيجابياً يمكن البناء عليه، لكن المطلوب الآن الاتفاق على إستراتيجية شاملة لتنظيم عودة النازحين، وهو الأمر الذي تحاول وزارة الخارجية بلوغه بالتعاون مع الجهات المعنية محليا وعربيا وغربيا.

توضح الأوساط أن العمل بهذه الإستراتيجية بدأ في حقبة حكومة الرئيس تمام سلام، لكن الخلافات داخل الحكومة، وتريث البعض حال دون اتخاذ أي قرار بهذا الخصوص. أما الآن، فالاتصالات قائمة بين وزارات «الداخلية»، «الخارجية»، «التربية»، «الشؤون الاجتماعية» و «العمل»، للاتفاق على خطة عمل واقعية من جهة وتتفق مع المبادئ والثوابت اللبنانية من جهة ثانية.

ويبدو أن هناك توجهاً نحو توسيع صلاحيات المديرية العامة للأمن العام المسؤولة أصلاً عن منح الإقامات للأجانب، ووزارة العمل المسؤولة عن إجازات العمل، في مقابل تخفيف اهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية بهذا الملف.

إلى ذلك، يوضح مصدر وزاري أن القانون يعفي العمال السوريين في لبنان أصلا من شرط الحصول على إجازة عمل في بعض الوظائف مثل البناء والزراعة. أما موضوع الاقامات فهو يصب في مصلحة لبنان إذ يتيح للسلطات اللبنانية مراقبة النازحين وتنقلاتهم على الأراضي اللبنانية.

انطلاقا من هذه المعطيات يحاول لبنان التوصل إلى إستراتيجية جديدة تحفظ حقوق النازحين ومصلحة لبنان والعمل يجري على خطة متوسطة الأمد تحت عنوان: الإطار الاستراتيجي بين الامم المتحدة ولبنان لمرحلة عمرها أربع سنوات.

من جهتها، تؤكد أوساط لبنانية معنية بالملف أنه على لبنان أن يعي جيدا أن أحدا لا يريد فعلا عودة النازحين إلى بلادهم وذلك لاعتبارات تتعلق بفقدان المنظمات الدولية الأموال المخصصة لهؤلاء النازحين، كذلك فإن البلدان التي تعطي الأموال ستفقد ورقة ضغط . أما بالنسبة للأطراف السورية فإنها لا تريد عودة النازحين قبل ترتيب الأمور الداخلية، وقبل إعادة إعمار سوريا كي لا يشكلوا قنبلة اجتماعية موقوتة.

وتشدد الأوساط على أنه يجب على لبنان أن يكون حذراً للغاية وأن يعتمد على استراتيجية شاملة تتيح له تنظيم حركة الدخول والخروج عبر حدوده وقواعد الإقامة المؤقتة، إذ إنه بهذه الطريقة يستطيع إجراء إحصاء دقيق للنازحين السوريين على أرضه كمرحلة ضرورية تسبق إعادتهم الى بلادهم.

تستطرد الأوساط بالقول «لكن أثناء وجود النازحين في لبنان يجب أن يعامل هؤلاء كسائر الأجانب الموجودين على الأراضي اللبنانية وإعطاؤهم الحقوق العادية. لكن اذا اعتمد لبنان سياسة إعطاء الاقامات للجميع، فمثل هذا القرار قد يكون حافزا لأعداد كبيرة من السوريين للمجيء إلى لبنان. كما ان هناك مجموعات لا يمكن إعطاؤها إقامات، اذ انها تدخل خلسة وتستقر في أماكن حساسة مثل عرسال ومحيط شبعا وحاصبيا».

في إطار الاستراتيجية الشاملة، يعمل لبنان على إيجاد حوافز تشجع النازحين على تسجيل أنفسهم للحصول على إقامات، وفي الوقت نفسه، تطبيق القانون ومبدأ العقاب للبنانيين الذين يشغلون سوريين ليست لديهم إقامات قانونية.

هناك اذا رزمة أفكار يحاول من خلالها لبنان التعاطي إيجابياً مع الإلحاح الخارجي على التعامل بطريقة إنسانية مع ملف النازحين، وفي الوقت نفسه الحفاظ على مصالحه وسيادته واستقراره. لكن الكلمة الفصل تبقى في يد الحكومة المنتظرة.