دبي – لبنان الديبلوماسي غائب عن دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في سابقة نادرة، لم تعرف مثلها العلاقات اللبنانية – الخليجية، المتميّزة دائماً بمتانتها وتعاونها وتضامنها!
ثمة تفسيرات لبنانية متعددة لهذا التقصير الديبلوماسي المتمادي. بعض اللبنانيين العاملين في دول المنطقة يعتبرون غياب الديبلوماسية اللبنانية أمراً طبيعياً، لأن وزير الخارجية هو رئيس تيّار سياسي متحالف مع «حزب الله»، وبالتالي خياراته الإقليمية هي أقرب إلى المحور الإيراني منها إلى المحور العربي!
والبعض الآخر يُشير إلى جولات وزير الخارجية المتتالية في الدول الأوروبية والأميركية، وحتى الافريقية، ليستنتج بأن أولويات رئيس التيار الوطني بعيدة عن الأجواء العربية عامة، والخليجية خاصة، لا سيما وأن تركيزه ينصب على استقطاب أجيال من المغتربين، باعدت السنوات الطوال بينهم وبين الوطن، لا سيما وأن بينهم مَن ينتمي إلى الجيل الثالث وأكثر، من المهاجرين اللبنانيين الأوائل في الأميركيتين.
ويتوقف أصحاب هذا الرأي أمام المؤتمرات الاغترابية التي نظمها وزير الخارجية، سواء في لبنان، أم في الخارج، وآخرها كان مؤتمر «لاس فيغاس»، حيث كانت الأكثرية الساحقة من المشاركين تنتمي إلى طائفة معينة، وإلى مناطق محددة، تشكل دوائر انتخابية مناسبة لجمهور التيار الوطني! أما العاملون في الدول الخليجية فكانوا شبه مغيبين عن المؤتمرات التي عُقدت في بيروت مثلاً!!
ويضرب آخرون أمثلة عديدة تؤكد برودة العلاقات الخليجية – اللبنانية في هذه الفترة، لعل آخرها وأهمها الإهمال الفادح لمذكرة الخارجية الكويتية من قبل وزارة الخارجية اللبنانية، والتي طالبت فيها الكويت الجانب اللبناني باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف تدخل «حزب الله» في الشؤون الداخلية الكويتية، وذلك اثر صدور الحكم القضائي بخلية العبدلي، التي ضمّت أعضاءً مقرّبين من الحزب.
ويرى هؤلاء أن بوصلة الخارجية اللبنانية بعيدة عن مراعاة مصالح لبنان الاستراتيجية، ولا تأخذ بعين الاعتبار أوضاع اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون، والذين يصل تعدادهم إلى نصف مليون لبناني، حيث أبدى وزير الخارجية اهتماماً مركزاً ومفاجئاً، لعقد لقاء مع الوزير السوري وليد المعلم، في حين اكتفى بلقاء عدد محدود من وزراء الخارجية الخليجيين، وبعض تلك اللقاءات كانت من باب رفع العتب!
وثمة مَن يخشى أن يُكرّر وزير الخارجية الأخطاء التي ارتكبها في الحكومة السابقة، حيث صوّت ضد المملكة العربية السعودية في جامعة الدول العربية، وفي منظمة الدول الإسلامية، وتسبب بمقاطعة خليجية، استثمارية وسياحية، ضد لبنان، ما زال البلد يُعاني من تداعياتها حتى اليوم!
* * *
يعيش اللبنانيون في الدول الخليجية حالة من الترقب والحذر، خشية إقدام وزير الخارجية على خطوة صادمة ومفاجئة، ترتد سلباً على أوضاع اللبنانيين في الخليج، وتطيح بما تبقى من مصالح لبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي!
فهل ثمة من يُبادر إلى تصحيح مسار الديبلوماسية اللبنانية قبل خراب البصرة؟