إطلق حزب الله أمس نكتة الموسم عندما قال إنه «مع المرشح الرئاسي ميشال عون حتى قيام الساعة»، وقد قصد بذلك أن «الجنرال» لن يصل الى رئاسة الجمهورية حتى قيام الساعة، أي الى أبد الآبدين، من غير حاجة الى القول «آمين» الملزمة للكلام الإنجيلي، فضلاً عن أن رئيس التيار الوطني، «هو مع نفسه حتى قيام الساعة، إي الى أبد الآبدين مع آمين اللزومية بالطبع»، من غير حاجة الى أن يأتي التوقع من حزب الله أو من سواه، كونه مؤمناً بنفسه من غير حاجة الى مزيد من المؤمنين به حتى قيام الساعة، إن كان حليفه حزب الله!
صحيح أن عون يتطلع الى المنصب حتى ولو اقتضى الأمر ترشحاً أو من دون حاجة الى ترشح، لأن الرجل مؤمن بنفسه رئيساً للجمهورية بلا ترشيح، لأن من هو مثله«مرشح بالفطرة»، حتى ولو كان المقصود انه مرشح بالسليقة كما يقول المثل، وهذا بدوره ما ينطبق عليه تعبير قيام الساعة، وقد زاد حزب الله على نكتته بالقول«أو أن يكون المرشح مثل ميشال عون ليرضى به»، مع العلم أن من هو مثل الجنرال لم تلده أمه حتى اليوم، إلا اذا كان المقصود بما قاله حزب الله أن الرئيس الموعود لابد وان يكون مثل الجنرال «مخلق منطق» وعندها فقط قد يغير الحزب رأيه، وينطلق ربما الى تأييد البديل، وهو ما ليس بوسع احد تصوره حتى قيام الساعة، أو حتى الساعة لافرق؟!
حلو أن يتمسك الإنسان بخطأ خياره، وتوقعاته، أما أن لا يرى الميدان غير حديدان العماد المتقاعد، فمعنى ذلك أن لا مجال سوى إنتظار حبل جديد من بين من ليس منه من يتوقعه من رجال هذا العصر، لاسيما عندما يقول أن «الحزب قد يغير رأيه في حال وجد ميشال عون آخر من المواصفات اياها، وهذا غير مستبعد لأن من خلق الجنرال قد كسر القالب ومن يقوى على فبركة غيره مهما إختلفت الإعتبارات السياسية وتحديداً إعتبارات النكاية التي لابد منها للقول «أما عون وأما مثيله»؟!
سبق القول في احد المرات ان «الجنرال» عون عندما فر الى باريس طلبا للجوء السياسي المعد سلفاً، جاء من يقترح عليه مقابلة العميد ريمون إده فكان جواب الأخير «انني على إستعداد لأن أقابله بشرط واحد» حدده إده بقوله إن «عون رجل عسكري قد فر من الخدمة، ولا مجال لأن أمد يدي اليه الا في حال كسر سيفه بيديه ثم إنتحر»، وعندها فقط أشارك في دفنه عن طيبة خاطر؟!
إن إده العميد كرر في كل مناسبة كان وراءها من أوفده عون طالباً رؤيته، وقد مات الأول من غير أن يكتب للثاني مصافحته وقد إعتبر الحدث المشار اليه بمثابة مفارقة سياسية ووطنية من بين العشرات من الذين التقوا حول عون في منفاه بلا طائل، باستثناء من كانوا يريدون التحلق حول عون لمصالح شخصية وآنية.
أما الذين ادعوا انهم مع «الجنرال» فكانوا كثراً في التجمع حوله ليس طلباً لوده، بل لأنهم كانوا مثل طينته طالبي خدمات من شأن تلبيتها الإفادة المادية أو المعنوية، فيما غادر معظمهم حاشية عون مثل صديق عمره وشريكه في الإنقلاب السياسي والعسكري اللواء عصام أبو جمرة الذي لايزال على طرفي نقيض معه، من غير حاجة الى أن يرث زعامة كاذبة عنه، كما يقول الأخير الذي لم يعد يرى ان بوسعه الإفادة من علاقته مع عون (منصب نيابي أو وزاري لا فرق) وهذا ما يقوله أبو جمرة من غير حاجة الى من يؤمن له «أمر مهمة من عون»؟!
إن نكتة حزب الله القائلة انه مع المرشح الرئاسي ميشال عون حتى قيام الساعة، لن تقدم شيئاً للأخير، طالما أن طريقه الى بعبدا مقطوعة من جانب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، وهكذا ستبقى طالما بقي ماروني واحد في قوى 14 آذار حتى قيام الساعة، الأمر الذي يلغي تمسك الحزب برئاسة «الجنرال» مهما حاول الأخير وسعى لأن يبيّض سمعته السياسية على غير الأساس الذي إنتهت إليه محاولات للتقارب مع العميد ريمون إده وقلة قليلة من الذين اجتهد لأن يكون على قائمة صداقتهم أيام كان في باريس لاجئاً سياسياً (…)
اما القول الآخر للحزب، المكمل للنكتة الأولى، فهو ان يكون المرشح العتيد للرئاسة الأولى مثل عون في أسوأ الإحتمالات، فإن الحزب لن يجد ما اشار إليه «لان من خلق عون قد كسر القالب ولا مجال لأن يأتي أحد بمثله طال زمن الساعة أو قيام الساعة لا فرق في الأمر ما يعني أن حزب الله يبادل عون خدمة بخدمة، مثل قول صهر الجنرال أن «المقاومة حاجة وطنية لابد منها طالما بقيت إسرائيل في الوجود على حدودنا الجنوبية» وهذا القول ليس خدمة بل هو ثمن سياسي من المستحيل على أي مرشح رئاسي ان يدفعه مقابل تأييد الحزب؟!