حسم النائب سليمان فرنجية جدّية «العرض» المنسوب للرئيس سعد الحريري بترشيحه لرئاسة الجمهورية، مع تأكيد أنه ليس قراراً رسمياً بعد، ويحتاج إلى تثبيته بورقة تفاهم شاملة لكل بنود سلة التسوية المحكي عنها، والتي لم تُعرَف بعد كيفية ظهورها ولماذا؟ وهل تحظى بغطاء إقليمي ودولي، وتحديداً سعودي، أم أنها مجرد اقتراح وجسّ نبض الأطراف في سياق مناورات تملأ الفراغ؟
لكن بعض المصادر في تيار «المستقبل» تقول إن «الحريري لم يقدّم عرضاً او اقتراحاً، بل إن الطرح جاء من النائب وليد جنبلاط الذي شاور فيه الحريري، ولم يُعرف ما هو جوابه بالضبط، برغم كثرة التسريبات عن قبوله بترشيح فرنجية، لكن جنبلاط بادر أيضاً إلى إجراء اتصالات مهّدت لاتصالات جدية بين الحريري وفرنجية لم تُعرف تفاصيلها الدقيقة».
وتضيف تلك المصادر: «الطرف الآخر يلمّح إلى أنه ينتظر إعلاناً رسمياً من الرئيس الحريري عن ترشيح النائب فرنجية، لكن هذا الأمر سابق لأوانه، فعلى الطرف الآخر أن يحدّد مَن هو مرشحه للرئاسة: العماد ميشال عون ام سليمان فرنجية؟ وطالما أن صاحب الطرح الأساسي هو النائب جنبلاط لا الحريري، فلماذا ينتظرون من الحريري أمراً لم يقل أحد رسمياً إنه يتبناه؟».
وتؤكد المصادر أن الرئيس الحريري مستعد للبحث في أي أمر يسهّل حصول التسوية السياسية الشاملة التي عرضها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، لكن «مطلوب من فريقه السياسي أن يبادر ايضاً الى خطوات ما تسهل التقارب للوصول الى التسوية، فلا يرمي أحد الكرة عند الحريري فقط».
وتشير المصادر إلى أن تفاصيل ما جرى هي ملك الحريري وجنبلاط وفرنجية فقط، ولكن من المنتظر أن تتكثّف الاتصالات لبلورة شيء ما قريباً، وترى أن تبني ترشيح فرنجية رسمياً قد لا يأتي من الحريري بل ربما من شخصية سياسية اخرى، ما يعيد خلط الأوراق مجدداً ويخلق دينامية اتصالات بين الأطراف للاتفاق على المرشح المقبول، خاصة إذا كان من فريق «8 آذار».
وبرأي قيادي حزبي من فريق «8 آذار»، فإن «طلاسم» هذا العرض الحريري ما زالت غامضة، «وإن كان جدياً حسبما تبلغنا من فرنجية شخصياً، لكنه أمر لا يُصدّق كيف هبط بسحر ساحر بعد كل التشنج والتصعيد». هل من ضمانات له للاستمرار أو للترجمة الفعلية التي ينتظرها فرنجية؟ وما هي المكاسب التي سيحققها الفريقان الداخليان والأطراف الإقليمية الداعمة لكل منهما؟ عدا عن سؤال مركزي هو: هل فعلاً تم فصل ملف لبنان عن ملف سوريا وتأثيراته، حتى تُطرح تسوية بهذا الحجم تأتي برئيس للجمهورية من «8 آذار» ورئيس حكومة من «14 آذار»، وكلاهما من الرموز او القادة الأساسيين للتيارين؟
ويرى القيادي «أن الشخص الوحيد القادر على الرد على هذه الأسئلة وفك طلاسم هذا العرض هو الرئيس الحريري فقط، عبر خطوات عملية سريعة، ربطاً بحقيقة الموقف السعودي، وهل قررالسعودي فعلاً تدبير أمر اللبنانيين أم أنه سيتركهم مرة أخرى يتدبرون أمرهم بأنفسهم في مبادرة كبيرة مثل التي طرحها الحريري، قد تنجح وقد تفشل، إذا هُيئت لها أسباب النجاح أو الفشل؟».
كان النائب فرنجية دقيقاً في توصيف الحالة، ولم يذهب بعيداً في الرهان «لا يزال العماد ميشال عون هو مرشح 8 آذار للرئاسة، وعندما يصبح الطرح رسمياً يبنى على الشيء مقتضاه»، وهو تأكيد لما سبق وذكرته أوساطه من أن باب المناورة ضيق جداً في مثل هذه المسألة، ووقت الانتظار ليس طويلاً، ما يرتّب على الرئيس الحريري سرعة العمل داخل فريقه لإقناع المعترضين على ترشيح فرنجية، ويرتّب على الفريق الآخر في الوقت ذاته سرعة العمل لتحديد مرشحه: عون أو فرنجية؟